الحال ...بين الماضي والمضارع
17 محرم 1431
د. مبروك رمضان
جميلة هي عباراتهم التي تتحدث عن حقوق المرأة وحرية المرأة وحرية المعتقد والتعايش السلمي والعيش المشترك والانصهار الوطني والوحدة الوطنية والحوار بين الشرق والغرب و.... و... وغيرها من روائع الجمل التي تسمع لها قعقعة ثم ترى بعدها ( طحنا ) لا طحينا !
 
ففي ماضينا المجيد أجلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بني قنينقاع عندما أساءوا الأدب وتحرشوا بامرأة مسلمة ، كما حرك المعتصم جيش المسلمين تلبية لنداء امرأة مسلمة قالت ( وامعتصماه ) فتلك غزوة لنصرة امرأة وحجابها ألا يدل ذلك على عظم هذا الحجاب في نفوس المسلمين وقادتهم.
 
أما في مضارعنا فلم يكتف شيخ الأزهر برأيه في النقاب بل قدم خطوة عملية وأمر فتاة ذات الاثنين عشر ربيعا بنزع نقابها لأنها في معهد أزهري نسائي والمعلمة امرأة ولم يذكر أنه ومن معه كانوا ( رجالا ) وما أعقب ذلك من تبعات وقرارات بمنع المنتقبات من دخول المدن الجامعية والجامعات والاختبارات ثم أكمل المسيرة بلقاء جمع فيه رجالاته ومفكريهمن رجال ونساء ومساندي الفكرة في لقاء تلفازي في رحاب الأزهر ( الشريف ) ليخرج علينا بتوصيات أن النقاب حتى لم يكن فضيلة وإن كان فعلى الرجال أن يتحجبوا كي تغض النساء من أبصارها كما يجب على الرجال أن يغضوا أبصارهم، ولم يتعرض أي منهم لتلاطم أمواج السيقان والصدور في جامعاتهم وأسواقهم ومواصلاتهم ، لأنها بالطبع حرية شخصية .
 
وعلى إثرها كتبت المستشارة الزيني مقالتها ( أليس فيكم رجل رشيد ؟ ) ولكن لا حياة لمن تنادي ! ومن تنادي فرنسا التي طالما تشدقت بالحرية والتعبير فتعلن عن منع الحجاب، أم سويسرا التي تستفتي شعبها على منع المآذن، أم النازي الذي قتل – مروة الشربيني – من أجل حجابها أم أخيرا هذا الأستاذ ( شربل ) الذي نزع حجاب الفتاة – عنوة - في كورة لبنان ومساعده مدير المدرسة وحبس الطالبة في الفصل وأغلق عليها الباب لأنها مجنونة لكونها تلبس الحجاب في بيئة أطلقت سيقانها وأذرعتها وصدورها للهواء لتعبر عن حريتها الشخصية بطريقتها.  
 
فإن تكلم غيور أو رجل رشيد أو عالم جليل أو داعية فكلامهم إثارة للنعرات الطائفية ، وتزكية للفتن الداخلية ، أما إهانة الإسلام والرسول والحجاب فحادث فردي وأمر عارض وعادة اجتماعية .. عجبي ! 
 
إن الأمر مشين والسكوت عنه ينبئ عن موت نخوة ورضا بذل وهوان ، - ولئن تحرك بعض الغيورين – ولكني أتساءل أين بقية غضب النخب وأصحاب الأقلام والأفواه الذين صموا آذاننا وملأوا الدنيا بصراخ حرية التعبير والرأي أم حلال على قوم حرام علينا ؟
 
والله لا خير فينا إن لم نهز الأرض هزا لنصرة فريضة فرضها الله على هذه الأمة، ولم نرض الدنية في ديننا ؟ فإن ساءتهم عقيدتنا فليلعقوا الصبر إن شاءوا .
 
لا ولن نقول بعنف ولا إضرار ولا إراقة دم ولا غضب غير مدروس ولكن صرخة رفض تصم آذان من مرد على التطاول واستخدم حقه ولا يرغب في أن نستخدم حقوقنا ، صرخة تبلغ المعتصم ، وهبة تجعل بني قنينقاع تحترم رأي غيرها وحرية تعبيرها كما يطلبون لأنفسهم ولا نريد أن نقلد الغرب حتى في حربه على الإسلام. هذا هو حالنا بين الماضي والمضارع.