"نصر أبو زيد" أزمة يشعلها العلمانيون بوجه الحكومة الكويتية والإسلاميين
1 محرم 1431
رضا عبدالودود

في محاولة لتأزيم جديد للساحة السياسية وفي محاولة لحشر السلطات التنفيذية بدائرة الدفاع والتبرير للتراجع عن قرارات تصحيحية تم اتخاذها بناءً على قراءة صحيحة لواقع المجتمع الكويتي الذي يعد الدين وقواعده وحدوده محور شخصيته وأساس فكره والخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، شنت جوقة اللادينيين والليبراليين وبقايا اليسار والعلمانية المقيتة حملة إعلامية ببيانات استنكار ومطالبات للتراجع عن قرار منع السلطات الحكومية للمفكر المصري المرتد عن الإسلام د.نصر حامد أبو زيد –المقيم بهولندا من دخول الكويت يوم الثلاثاء 15/12/2009، بناء على دعوة قد تلقاها من مركز الحوار للثقافة 'تنوير' والجمعية الثقافية الاجتماعية (اللذان يمثلان التيار العلماني ) بإقامة ندوتين يومي الأربعاء والخميس (16،17/12/2009) بعنوان 'الاصلاح الديني في الدولة الدستورية'، 'المرأة بين أفق القرآن والفكر الفقهي' بمقر الجمعية الثقافية في منطقة الخالدية.
 
وقد نالت أنباء دعوة أبو زيد للمشاركة بالندوتين باستياء من قبل بعض النواب الإسلاميين والمستقلين، من بينهم (النائب ضيف الله بورميه وخالد السلطان ود. وليد الطبطبائي ) الذين وصفوا الأمر ياستفزاز المجتمع الكويتي المحافظ، وأنه أمام من يقف وراء دعوة أبو زيد الكثير من المفكرين والمثقفين العلمانيين الذين يمكن القبول بأفكارهم وأطروحاتهم لعدم تعديهم بالإساءة للذات الإلهية والقرآن الكريم، مستغربين اصرار الجمعية الثقافية وتنوير على دعوة تلك الشخصية المثيرة للجدل والتي حكم بردته عن الإسلام، إلا إذا كانت دعوته تحمل رسالة ما من قبل التيار اللاديني..

حيث استنكر النائب الدكتور وليد الطبطبائي قيام الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية باستضافة أبو زيد وقد حكم القضاء المصري عام 1995 بردته عن الاسلام وأمر بالتفريق بينه وبين زوجته، كما دانته لجنة متخصصة من أساتذة جامعة القاهرة وقررت كفره و قدمت ردودا مفحمة على شطحاته و آراءه  الشاذة خصوصا زعمه ان القرآن الكريم هو 'جهد بشري' و ليس كلام الله عز وجل .
 وقال الطبطبائي: إن الجمعية الثقافية ومن ساعدها في جلب ابو زيد الى بلادنا انما يمارسون استفزازا متعمدا لمجتمعنا الكويتي المسلم، إذ تركوا كل المفكرين و العلماء الكويتيين والعرب والمسلمين واتو إلى الكويت بمن لفظته مصر الكريمة ورفضت كفرياته فلجأ الى هولندا والى احضان المستشرقين الذي هو على منهجهم و طريقتهم في الطعن بالاسلام واثارة الشبهات .
 كما شدد الطبطبائي على ضرورة تدخل الجهات الحكومية المختصة بمنع ابو زيد من اعتلاء منصة الفكر والرأي في الكويت لانه ليس أهلا لذلك، وأهاب الطبطبائي بوزير الشؤون الاجتماعية و العمل محمد العفاسي التدخل عاجلا لمنع محاضرات ابو زيد ومنعه من تلويث أرض الكويت بكفرياته ومحاسبة من رتب لاحضاره الى الكويت .

هجوم العلمانييين
وفي تسابق علماني وحد الليبرال وبقايا اليسار بدعاوى الحرية المنطلقة التي لا تعرف حدود ولا ثوابت للأمة أو المجتمع، صرحت النائبة د.أسيل العوضي بأنه لا يجوز منع د.بوزيد من دخول البلاد بعد منحه تأشيرة دخول مسبقة معتبرة أن ذلك يمثل اساءة بالغة لهيبة الدولة وتعدي صارخ على الحريات، كما استغربت جمعية حقوق الإنسان في الكويت منع د.بوزيد بعد حصوله على الموافقات الرسمية، مبينة أن ذلك سببه نواب الإسلام السياسي الذين ابتزوا الحكومة بهدف منعه، وأن ذلك يشكل نفق مظلم لمستقبل الحريات في البلاد.

واستنكر المنبر الديمقراطي منع دخول المفكر المصري د.نصر حامد أبوزيد البلاد، مبينا أن ذلك يمثل بوضوح خضوع السلطة لقوى (التطرف) والامعان في استرضائها على حساب حقوق وحريات المواطنين، وجاء موقف التحالف الوطني الديمقراطي مشابها للمنبر، حيث أكد بيانا صحافيا للتحالف الوطني أن منع دخول د.بوزيد هي محاولة حكومية مكشوفة لضمان بعض النواب وكسب أصواتهم قبل جلسة عدم التعاون يوم الأربعاء 16/12 مع رئيس الوزراء حيث سيتم التصويت على كتاب عدم التعاون مع سموه على خلفية تقديم 10 من النواب كتابا بعدم التعاون معه، وكسب أصوات بعض النواب في جلسة التصويت على طرح الثقة في وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح في الاستجواب المقدم من قبل النائب مسلم البراك...

وحاول بيان التحالف تسيس الأمر ومحاولة ربطه بالأوضاع السياسية المأزومة بالبلاد كوسيلة ابتزاز للحكومة، حيث توافق بيانات التحالف الوطني والمنبر ونواب التيار الليبرالي مع مقالات الكتاب الممثلين للتيار العلماني وبقايا اليسار حيث حاول مقال الكاتب عبد اللطيف الدعيج بالقبس 16/12 بالصفحة الأخيرة (حسافة فيك الأمل ياشيخ) رفع التكلفة السياسية على رئيس الوزراء بل ومكالبة النواب الليبراليين بالموافقة على طلب عدم التعاون الذي يناقشه مجلس الأمة بجلسة الأربعاء 16/12، مشيرا في تهديداته التي حملها المقال بامكانية ان يصحح رئيس الحكومة خطئه بارسال طائرة خاصة لاستقدام أبوزيد إسوة بتعهد الشيخ ناصر المحمد ببناء مسجد على نفقته قامت لجنة الإزالات بهدمه لمخالفة ببنائه أثارت المسألة السياسية.
وتلبث نواب الليبرال سيف الدفاع عن الحريات فقال النائب صالح الملا محذرا الحكومة:"فلتتوقع الحكومة رد فعل سلبيا عنيفا مني على هذا التصرف لأنه من غير الجائز أن ترضح الحكومة لتصريحات وتمنع دخول الكتاب والمفكرين"..

أصل القضية
من الجدير بالذكر أن الأوساط العلمية والفكرية بمصر قد انشغلت أوائل التسعينات بقضية نصر حامد ابوزيد، ود.نصر هو استاذ مساعد بهيئة تدريس جامعة القاهرة كلية الآداب قسم اللغة العربية فى ذلك الوقت، وكان قد تقدم برسالة بعنوان 'نقد الخطاب الدينى' وكان مقررا 'حصوله بموجبها على ترقية علمية ليحصل على لقب (استاذ) ولكن د. عبد الصبور شاهين تقدم بكتاب بإعتباره رئيس لجنة الترقيات 'فجر القضية' اذ تحولت المسألة من مجرد رفض للترقية الى اتهام بالردة، وتلخصت اتهامات التقرير فيما يلي:-
1- العداوة الشديدة لنصوص القران والسنة والدعوة لرفضهما.
2- الهجوم على الصحابة.
3- انكار المصدر الإلهى للقرآن الكريم.
4- الدفاع عن الماركسية والعلمانية وعن سلمان رشدى وروايته (آيات شيطانية).

وعلى اثر هذا التقرير نشأت معركة فكرية واسعة بين أنصار أبوزيد وبين المؤيدين لتقرير شاهين، وتطور الأمر الى رفع مجموعة من المحامين لدعوة حسبة تطالب بالتفريق بين نصر وزوجته ابتهال يونس، ودارت مساجلات قانونية وفقهية طويلة انتهت بهجرة نصر حامد وزوجته مصر والعمل بالتدريس بإحدى الجامعات الهولندية حتى الآن.

وبعد مضي سنوات أعلن عدد من المحامين المصريين تضامنهم مع الدكتور نصر حامد أبو زيد الاستاذ بجامعة القاهرة الذي حكم عليه بالردة عام 1997 ويعيش حاليا في هولندا مع زوجته الدكتورة ابتهال يونس، وطالبوا باعادة فتح ملف القضية من جديد أمام محكمة النقض.
وعلق الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية والذي رفع الدعوى القضائية ضد الدكتور نصر أبو زيد على مطالبات المحامين، ان القانون اذا صدر بمنع عقوبة الردة وتحويلها الى الاستتابة فان هذا القانون يأخذ حكم القاعدة القانونية المستقاة من قول الله تعالى (إلا ما قد سلف) فهو ليس ذا أثر رجعي بل اثره فيما يستجد من حالات، فلا دخل لقضية نصر أبو زيد فيه، ومع ذلك فلم يجرم أبو زيد ولم تفرض عليه عقوبة، عكس ما يفهم الناس. كل ما في الامر انه حكم عليه بطلاق زوجته وهذا لا دخل له في الحد، وانما طلاق المرأة، وهو الاثر الناتج عن ردته. ولم يتعرض حكم محكمة النقض والاستئناف لفرض عقوبة عليه لخلو القانون من عقوبة المرتد عدا طلاق امرأته، وهي ليست عقوبة بل هي اجراء في العقد.

وتعود وقائع قضية الدكتور نصر حامد أبو زيد الى عام 1995 حينما طالبته لجنة مكونة من 20 عالما من الأزهر بإعلان التوبة عن بعض الأفكار التي وردت في كتابه 'مفهوم النص' ورأوا أنها مخالفة لأحكام الدين الاسلامي.

ماذا بعد؟!
وعلى ما يبدو أن الساحة الكويتية مهيأة للدخول في أزمة فكرية جديدة بأدوات سياسية وبرلمانية، إذ أن الإشكاليات الفكرية ما زالت تتصاعد إذ يقف الإسلاميون وراء مبدأ أن الحرية مسئولية ولها حدود تنتهي عند الثوابت الدينية المنصوص عليها بأدلة قطعية، فيما حرية الليبرالييبن وبقايا اليسار لا تعترف بقيود مجتمعية أو دينية، كما تمثلت في الكتابات الصحفية وسلسلة المقالات المؤيدة لفتوى رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة د.الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي حول الاختلاط وانه جائز شرعا، فيما تغيب الحماسة للحريات حينما يتعلق الأمر بتضييق على ما هو ديني أو عرقلة نشاطات إسلامية أو منع دعاة من دخول البلد أو استبعاد دعاة أو حظر كتب دينية...