"عرفات" يفضح "ابو مازن" من قبره!
2 شعبان 1430
جمال عرفة
نادرة هي القضايا التي يقوم فيها الضحية (القتيل) بالإرشاد عن القاتل، ولكن هذا ما فعله الرئيس الفلسطيني الشهيد عرفات من قبره عندما فضح رفيقه في منظمة التحرير محمود عباس (أبو مازن) وقدم من قبره وثيقة تدينه بقتله بالسم بالتعاون مع الاحتلال الصهيوني!.
قذيفة من العيار الثقيل.. ودليل دامغ وحالة تلبس واضحة لا يمكن الفكاك منها.. هذا هو الوصف الدقيقة للوثيقة التي كشف عنها فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، والتي أرسلها له الرئيس عرفات شخصيا قبل موته واحتفظ بها القدومي خمس سنوات، ولكنه نشرها الأن بعدما تأكد له أن المخطط المرسوم فيها يجري تنفيذه علي قدم وساق وأن القضية الفلسطينية تتعرض لمؤامرة لتصفيتها علي أيدي عملاء للاحتلال.
الوثيقة – التي هي عبارة عن محضر اجتماع بين شارون وأبو مازن ودحلان وشاؤول موفاز ووفد أمريكي برئاسة وليم بيرنز – تكشف بوضوح مخطط لقتل عرفات والتخلص منه بالسم، وكذا قتل قيادات حركات المقاومة حماس والجهاد الإسلامي تدريجيا.
ما جاء في هذه الوثيقة التي وزعها القدومي لم يكن جديدا، فقد نشر نفس الوثيقة تقريبا (مركز دانيال زيف) الصهيوني في يناير 2008، ولكنها لم تحظ باهتمام كاف للشك في مصدرها "الإسرائيلي" وخشية أن يكون فخ للإيقاع بين القادة الفلسطينيين.
ولكن هذه المرة جاء النشر من قبل مصدر موثوق هو فاروق القدومي المناضل الفلسطيني القديم في حركة فتح، وهو قال أن الوثيقة بعث بها إليه الرئيس عرفات شخصيا قبل وفاته ما يؤكد أنها حقيقية لا مفبركة.
وكان من الممكن أن يقال أن هذه الوثيقة أيضا تسريبات أو لعبة إسرائيلية لضرب الصف الفلسطيني وخلط الأوراق داخل فتح وبين فتح وحماس، وأنها أكاذيب أو فبركة كما قالت حركة فتح، لولا أن هذه ليست هي الوثيقة الأولي التي تفضح هؤلاء بل هي الرابعة أو الخامسة كما أن الوقائع والمؤشرات الجارية تؤكدها!.
وثائق سابقة
فقد سبق أن سربت صحف صهيونية، وأخري تابعة لحركة حماس وثائق – بعضها أكتشف في مكاتب الأمن الوقائي في غزة بعد سيطرة حماس عليها – عبارة عن محاضر اجتماع تؤكد تورط "محمد دحلان" مستشار رئيس السلطة الفلسطينية لشئون الأمن القومي خصوصا في مخطط إسرائيلي لقتل عرفات بالسم.
فحركة "حماس" كشفت النقاب في يونيه 2007 عن وثيقتين تثبتان قيام "بسام أبو شريف" المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بتحذير الرئيس الراحل من مخطط لقتله بالسم خلال فترة الحصار في مقر المقاطعة في مدينة رام الله في الضفة الغربية.
الوثيقتان اللتان كشفتهما كتائب الشهيد عز الدين القسام- الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس- تؤكد تورط محمد دحلان في اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، وتعقب المقاومة لقتل قادتها.
حسب الوثيقة التي نشرتها وسائل إعلام محلية مقربة من حركة "حماس"، وهي بمثابة رسالة بعث بها أبو شريف لعرفات في الخامس من يونيو 2002 ورد فيها :"أرجو أن تحذر من الأكل والماء ولا تشرب إلا من زجاجة تفتحها أنت بيدك، ولا تأكل هذه الأيام، إلا من معلبات مغلقة تفتحها أنت، ويشتريها المخلصون وصالحة زمنياً" أضاف: "لدي معلومات من جهات أنهم سيحاولون تسميمك، كذلك أرجوك مرة أخرى كما سبق أن ذكرت لك أن تضمن الأموال وأن تسحب أي صلاحية لأي شخص خاصة خالد (في إشارة إلى خالد إسلام المستشار الاقتصادي السابق للرئيس عرفات ) من التصرف بالأموال لأن القرار (الصهيوني) هو محاصرتك مالياً، وما أكتبه له مبررات مستندة لمعلومات ومصادر موثوقة جداً في واشنطن"!؟

وهناك (وثيقة ثالثة) كشف النقاب عنها أيضا في يونيه 2007 تكشف حجم التأمر وتورط دحلان في اغتيال عرفات.

 

صورة الوثيقة 

 

 
وهذه الوثيقة الثالثة موقعة باسم محمد دحلان ويتعهد فيها دحلان لموفاز – وزير الدفاع الصهيوني آنذاك - أن يتخلص من عرفات على طريقته - لا على طريقة الكيان - وتعهد أيضاً أن ينهي ما أسماه بالمافيات – في إشارة لحركات المقاومة - التي تعمل على الإساءة للتعايش بين "الشعبين" وفقاً لما جاء في الوثيقة!.
حيث يؤكد دحلان أنه سيدفع حياته ثمناً لتنفيذ تعهداته للرئيس الأمريكي (بوش)، وهو ما يفسر إصراره على المضي في مشروع الفتنة حتى آخر رمق!.
ويظهر حجم التنسيق بين الطرفين حينما يبعث دحلان بأمنياته وتحياته إلى المجرم والإرهابي شارون في هذه الوثيقة!
أيضا نشرت صحيفة "هآرتس" 9/9/2005 تقريرا حول الأسباب الكامنة وراء وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في 11 تشرين الثاني من العام 2004 تضمن وثائق تعزز الرواية حول احتمالات وفاة عرفات نتيجة تسميمه.
التقرير عبارة عن تلخيص لفصل جديد في كتاب "الحرب السابعة" من تأليف الصحفيين عاموس هرئيل المراسل العسكري لصحيفة هآرتس وآفي يساسخاروف مراسل الإذاعة الإسرائيلية العامة للشؤون العربية، أما الجديد فيه فهو أنه يستند إلى نسخة عن التقرير الطبي الذي أعده أطباء عرفات في المستشفى الفرنسي بعد وفاته والذي لم ينشر!.
ووفقا للوثيقة الطبية الفرنسية والتقرير الإسرائيلي،هناك ثلاث احتمالات لوفاة عرفات هي : (أولا) حدوث تلوث عادي في الدم سببه طعام فاسد وهذا الأمر نفاه التقرير الطبي الفرنسي نفسه واعتبروه صعب جدا و(الثاني) التسميم و(الثالث) - الأقل احتمالا- إصابته بالايدز وهو أمر مستبعد، أي أن فرضية التسميم شبه مؤكده!
وهذا الاحتمال رجحه الكتاب الإسرائيلي بسبب الأعراض المتعلقة بتدهور حالته الصحية بشكل سريع وحالات الإسهال والتقيوء ومشاكل تخثر الدم وتوقف الكبد عن القيام بوظائفه، وأكده طبيب متخصص إسرائيلي لـ "هأرتس" اطلع على تقرير المستشفى الفرنسي بعد وفاة عرفات، تحدث عن احتمال وفاة عرفات نتيجة إدخال سم من نوع (ريسين) الذي استخدم في الماضي كسلاح بيولوجي، والذي يمكن إدخاله للجسم عن طريق الطعام ويسبب الأعراض ذاتها التي كانت لدى عرفات مثل التسبب في تخثر الدم والمشاكل التي أصابت كبده وغيرها، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال المحيطين بعرفات!.
وثيقة عرفات - القدومي
أما الوثيقة الأخيرة التي كشفها القدومي يوم 12 يوليه الجاري 2009 والتي يمكن أن نسميها وثيقة (عرفات – القدومي)، فقد كان شاملة وكاشفة، حيث كشفت عن اجتماع فلسطيني- إسرائيلي- أميركي خطط لقتل الرئيس ياسر عرفات مسموماً، واغتيال قادة حماس والتخطيط لتصفية آخرين.
محضر الاجتماع الذي جمع عباس ودحلان مع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" السابق أرييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز بحضور وفد أميركي برئاسة وليم بيرنز، في مطلع مارس 2004، يعتبر دليل اتهام قاطع، تم خلاله التخطيط لتسميم عرفات، واغتيال القيادي في حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي وتصفية آخرين.
عندما أرسله الشهيد عرفات للقدومي نصحه القدومي بالخروج فوراً من الأراضي المحتلة، لأن شارون لا يمزح على الإطلاق بشأن التخطيط لقتله، ولكن الشهيد عرفات فضّل – كما هو معروف عنه من تحدي - المواجهة وتحدي هذا المخطط الذي كان أكبر منه لأن الخنجر جاء من أصدقاؤه المقربين منه!
كان من الممكن أن نعتبر هذه الوثيقة مجرد حملة علي الرئيس عباس أو صراع أجنحة داخل منظمة التحرير لولا أن الدلائل تؤكده وتؤكد أن عباس ماضٍ في التعاون والتنسيق مع المحتل الإسرائيلي وإجراء اللقاءات الحميمية معه باسم المفاوضات السياسية في ظل موافقة أميركية.
مقتل موسى عرفات وإبراهيم الشاعر وتدمير مكتب اللجنة المركزية، كلها دلائل تشي بالتخلص من مؤسسي وقدامى الحركة.. الخط المرسوم في محضر هذا الاجتماع مع قادة الاحتلال يتأكد يوما بعد يوم، بالوقائع والمواقف، حيث الهدف هو تصفية نهج المقاومة تماما داخل فتح، وكل فلسطين.
في محضر الاجتماع (الوثيقة) الذي جري في مارس 2004 تحدث شارون بوضوح عن ضرورة قتل عرفات بالسم ووافقه أبو مازن ودحلان ضمنا، وتحقق لهم ما أردوا حيث قتل عرفات بالسم البطئ وارتقي شهيدا بأيدي أعوان الاحتلال بعد 8 أشهر بالضبط من بدء المخطط!!.
أما هدف قتل القادة العسكريين والسياسيين لحماس والجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى والجبهة الشعبية الذي قال شارون أنه يستهدف "خلق حالة من الفوضى في صفوفهم" تمكن عباس ودحلان من الانقضاض عليهم بسهولة، فيجري تنفيذه علي قدم وساق.
حماس تحسبت لهذا المخطط وعملت علي إجهاضه بعدما تبين لها أن وعود دحلان للأمريكان يجري تنفيذها بدقة وفق "مخطط جاهز" كما اسماه دحلان في الوثيقة ولهذا سارعت بانقلاب مضاد للانقلاب في غزة وسيطرة علي القطاع ما عرقل إكمال المخطط الصهيوني ، فجاء العدوان الأخير ليعوض ما تأخر عنه المخطط السابق.
رفض التحقيق في قتل عرفات!
عقب وفاة عرفات وتشكيك أطباؤه في قتله بالسم، رفض أبو مازن تشريح جثة عرفات برغم تأكيد أكثر من مسئول فلسطيني أنه مات مسموما، ثم تحت الضغط أعلن مؤخرا عن تشكيل لجنة خاصة للتحقيق.
وقد شكك أشرف الكردي الطبيب الخاص للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في جدوى المهمة الموكلة إلى اللجنة الخاصة بالتحقيق في أسباب وفاة عرفات،وقال أن تشريح جثة عرفات بعد خمس سنوات من وفاته لن يكون على شيء من الأهمية، وأشار إلى أن رجالات السلطة الوطنية رفضوا تشريح الجثة وقت وفاة عرفات، وعندما سئل عن السبب وراء عدم التصريح بالتشريح آنذاك، أجاب قائلاً: اسألوا أبو مازن؟ّ!
الطبيب "الكردي" الذي أكد أن "إسرائيل" وراء وفاة عرفات بالسم، شخص الأسباب الطبية لوفاة عرفات قائلاً: كان لديه تغيير في الكريات الحمراء والبيضاء وتلك لها أسباب كثيرة لم يكن أيها ينطبق عليه إلا أن احتمالين ظلا قائمين ومرجحان أن يكونا السبب وراء وفاته: إصابته بالسرطان أو تسممه.
وأضاف: أجرينا فحوصات السرطان إلا أنه تبين أنها لا تنطبق عليه أما احتمال السم فظل قائماً، ولفت إلى أن متابعاته الشخصية لعرفات إضافة إلى فحوصات أجريت للأخير في عمان وفرنسا إلى جانب فحوصات أخيرة تم إجراؤها له في رام الله أكدت أنه لم يكن مصاباً بالسرطان.
وبدا الدكتور الكردي واثقاً من نفسه وحازماً وهو يقول لقد قتلوه بالسم لأنه كان عقبة في وجه عملية السلام!.
وقد أكد فرضية التسميم هذه أكثر من مسئول فلسطيني أخرهم الدكتور نبيل شعث الذي أعرب للإذاعة البريطانية عن قناعته بأن عرفات مات مسموماً.
وما لم يذكره أحد هو أن للصهاينة خبرة في هذا المجال – أي القتل بالسم البطئ – وهناك دليل واضح علي هذا بمحاولتهم قتل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بحقنه بالسم في عمان، سبتمبر 1997، واضطرارهم لإنقاذه بمصل مضاد تحت تهديد ملك الأردن الراحل بإعادة النظر في العلاقات مع تل أبيب !.
بل أن "بسام أبو شريف" مستشار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اتهم صراحة الاحتلال الصهيوني باغتيال عرفات بالسم، وقال إن الرئيس الفرنسى السابق شيراك و الأطباء الفرنسيين يعلمون تماماً كيف قتل عرفات!.
وقال أبو شريف ـ في مؤتمر صحفي عقده بمدينة رام الله أبريل 2007 - أن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك يعلم تماماً كيف قتل الرئيس الراحل عرفات بالسم وأنه أخفى ذلك عن عمد تحت عنوان "الحفاظ على المصلحة الفلسطينية"!.
تسريب هذه الوثيقة الآن يطرح أكثر من سؤال :
-                   هل تورط أبو مازن ودحلان بالفعل في اغتيال عرفات أم أن هذه الوثيقة – كما قالت فتح – مفبركة لضرب الصف الفلسطيني؟
-                   ولو كانت الوثيقة مفبركة فمن الذي وضع السم – المؤكد - لعرفات خصوصا أن المتهمين في الوثيقة هم المقربين منه؟
-                   وهل الخطط الاسرائيلية– الأمريكية لتصفية نهج المقاومة في فلسطين والذي يلعب فيه الجنرال دايتون دورا خطيرا، لها علاقة بالتخلص من عرفات لتدجين السلطة الفلسطينية التي كانت عنيدة ومستعصية برئاسة عرفات؟
-                   ولو كانت الوثيقة حقيقية فهل نقول "علي القضية الفلسطينية السلام"؟ ونبصم بأن فلسطين ضاعت علي أيدي هؤلاء المتحالفين مع الاحتلال؟
-                   ولو كانت صحيحة فمن يحاكم أبو مازن ودحلان؟