عدو الفضيلة والدين ساركوزي ...
2 رجب 1430
إبراهيم الأزرق




ساركوزي أحد زعماء الغرب الذين أعلنوا حرب الله ودينه في غير قضية، ولعل من آخرها حربه على غطاء الوجه والذي يسمونه النقاب فقد وصف تلك الشريعة بأنها علامة استعباد، وزعم أن من يضعنه: "سجينات خلف سياج ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة"، وهو بذلك يغالط مفهوم الاستعباد الذي نصت عليه قوانينهم ولا أخاله يجهله، ويغالط كذلك الحقائق عندما يزعم أن الكرامة هي انتزاع رداء الحشمة عن وجه من صانته عن أمثاله من الذين يتبعون الشهوات ويريدون أن يميل المجتمع ميلاً عظيماً.

إن الرجل ليس رجلاً ساذجاً لا يدري أن استعباد النساء على مر القرون كان بكشفهن وإخراجهن وعرضهن سلعاً مبتذلة.. ولا يجهل كذلك أن ستر المرأة صدرها ليس ابتذالاً ولا سترها ما دون ذلك.. ويعلم أيضاً أن ستر المرأة ما دون ركبتها لم يكن يوماً استعباداً ولا ابتذالاً من كرامتها! فلماذا كان سترها لوجهها من أعين الذئاب والطامحين استعباداً وسترها لقدمها حرية إن لم يكن حشمة وفضيلة!

لقد زعم الرجل أن النقاب سجن عازل عن الحياة الاجتماعية! فما هي تلك الحياة الاجتماعية التي يعنيها؟

هو يعلم أن النقاب لا يسد فم المرأة! فبوسعها أن تتكلم وبوسعها أن تتعامل مع من تدعو حاجتها للتعامل معه ونقابها لا يمنعها من ذلك! وفوق ذلك هو يعلم أن النقاب لا تضعه المرأة على وجهها في المجتمعات النسائية، وإن وضعته فلا يمنع النقاب المرأة من الضحك والمرح مع صويحباتها!

فعن أي حياة اجتماعية يتحدث؟ أتراها الحياة التي يريدها العاهر المريض؟

وليس ذلك بالغريب! فبالله ماذا تتوقع من رجل أعلن مخادنته عاهراً صورها العارية تصدرت أغلفة المجلات حيناً من الدهر، وقد بيع بعضها بعد زواجها منه في أحد أشهر المزادات؟!

ومع ذلك يخادع هذا الرجل السذج بزعمه عدم مخالفة علمانيته للدين! ولا للحرية!

مغالطات واضحة وكذب صريح والدافع في اعتقادي ليس مجرد الغباوة والجهل، فالرجل يعرف أن من يلبسون النقاب يعدونه من شرعهم، فهو يعلم على الأقل أن ما يحاربه ديناً عند من تضعه ومن ينصره –بغض النظر عن كونه ديناً صحيحاً أم باطلاً في نظره- ولا يعسر عليه أن يعلم كذلك أنه لم ينازع من أهل العلم في تغطية الوجه من له قدم صدق عند جماهير أهل الإسلام وإن اختلفوا ما بين قائل بالوجوب أو مجرد الندب والاستحباب.

ولكنه كشأن كثير من أهل الكفر لم يكن كفره ولم تكن حربه على شعائر الدين ناجمة عن مجرد جهل، بل هو كفر ناجم عن علة مركبة من الهوى والجحود والإعراض.. وهذا كثير في أهل الكتاب علمانيهم ومتدينيهم، خلافاً لما يصوره بعض من لم يستنر بآي الذكر الحكيم، من أن هؤلاء مساكين ينقصهم التعليم والحَقُّ على أهل الإسلام المقصرين! ولك أن تعرض هذا القول على آيات الكتاب الحكيم كقوله عز وجل: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) [البقرة: 109]، وقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [آل عمران:71]، وقوله عز وجل: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة:146].

إن التقصير موجود لا ننفيه، ومع ذلك فإن الحقيقة القرآنية قاضية بأن كثيراً منهم يعرفون الكتاب، ويعرفون أن ما جاء به القرآن الكريم هو الحق من ربهم ثم يكتمونه حسداً وبغياً، وكثير منهم يعلمون أن محمداً هو رسول الله حقاً وصدقاً، ومع ذلك أبوا إلاّ أن يناصبوا شريعته العداء وهم يعلمون، ولهذا أثنى الله على من خالف هواه منهم، وانصاع للحق الذي عرف، فقال سبحانه: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( [الأعراف:157].. نعم هناك طائفة من أهل الكتاب جاهلة لم تجمع مع جهلها عناداً أو إصراراً أو استكباراً أو إعراضاً عن الهدى إذ لم تسمع برسالة محمد صلى الله عليه وسلم لكنهم قلة والأكثرية كما قال الله تعالى عنهم: (لا يؤمنون) [البقرة: 100]، والإحصائيات الدقيقة لا تجدها في تخرصات من يلقون الكلام على عواهنه بل في نحو قوله سبحانه: (وأكثرهم فاسقون) [آل عمران: 110]، لاينقمون منّا إلاّ أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل، كما في آية المائدة، وربك حكيم عليم جعل للكفر رجاله وللفضل أهله.

ولعل ساركوزي أحد المحاربين المائلين مع الهوى الجاحدين المعرضين عن الدين الصحيح، فلا غرابة أن يطعن في هذه الشريعة فقد عهد أذاه لأهل الإسلام في مواطن شتى، كحملته على تركيا وممانعته دخولها الاتحاد الأوربي لثقافتها! ثم إيواء بلاده المحاربين لأبناء المسلمين الرافضين لمعالم الدين في دارفور وغيرها، إلى وقوفه مع إسرائيل، ثم حربه على غطاء الرأس بدعوى حظر الرموز الدينية، إلى غير ذلك.

واليوم يجعل غطاء الوجه علامة استعباد، أما تعرية المرأة والاتجار بصورة جسدها فحرية! وعنوان حضارة ومدنية!! فقاتل الله الأفاكين المفترين، وانتصر لدينه وشريعته منهم.