مساعدات الغوطة الأممية....الموت بطعم الإغاثة
19 جمادى الثانية 1439
د. زياد الشامي

بعد 5 سنوات من الحصار الخانق الذي ما زال النظام النصيري وزبانيته يفرضونه على أهل الغوطة الشرقية بريف دمشق دخلت أمس الاثنين أول قافلة مساعدات أممية إلى الغوطة المنكوبة حيث لا يمكن اعتبار ما دخل للغوطة في فبراير العام الماضي مساعدات بالنظر إلى صغرها وضآلة ما فيها .

 

 

ليس هناك أي شك بأن الهدف من السماح بدخول قافلة المساعدات الأممية إلى الغوطة الشرقية لا علاقة له بالإنسانية ولا صلة له بالرحمة أو الشفقة أو إنقاذ الأرواح من الموت جوعا أو .......فهذه القيم والمبادئ والمشاعر الإنسانية الفطرية قد طمست معالمها في نفوس النظام النصيري وسيده الروسي وكثير من قادة وساسة دول العالم في القرن الــ21.

 

 

قد يكون الجواب الأقرب للصواب والسبب الأكثر تواردا في الأذهان عن الدافع وراء السماح بدخول القافلة الأممية إلى الغوطة الشرقية التي ينتهج طاغية الشام وبوتين معها سياسة الأرض المحروقة منذ أيام هو : تسكين الرأي العام العالمي الضعيف والهزيل إزاء الإبادة الحاصلة هناك و التظاهر بالحرص على تطبيق بعض القرارات الأممية و تبرير استكمال حملة الإبادة قبل وأثناء وبعد دخول وخروج القافلة إن لم يستسلم الثوار ويرفعوا الراية البيضاء .

 

 

القافلة التي تتألف من 46 شاحنة دخلت برفقة الصليب الأحمر وممثلين عن الأمم المتحدة كان قد تمّ إفراغها بالكامل من جميع اللوازم الطبية من قبل نظام طاغية الشام كما أكد مسؤول بمنظمة الصحة العالمية الذي قال : "إن نظام الأسد استبعد حقائب إسعافات أولية ولوازم جراحية من شاحنات قافلة إغاثة قدمتها عدة منظمات وفي طريقها لمنطقة الغوطة الشرقية المحاصرة".

 

 

وأضاف المسؤول الأممي لوكالة رويترز : "رفض الأمن كل (حقائب) الإسعافات الأولية واللوازم الجراحية والغسيل الكلوي والإنسولين"، منوهاً إلى أن نحو 70 في المئة من الإمدادات التي نقلت من مخازن منظمة الصحة العالمية إلى شاحناتها استبعدت خلال عملية التفتيش .

 

 

ليس هذا فحسب بل إن النظام النصيري وسيده الروسي لم يمنحوا أهالي الغوطة فرصة لاستلام السلة الغذائية الصغيرة الهزيلة التي حملتها قافلة المساعدات الأممية حيث واصلت الطائرات الروسية قصف الأحياء السكنية بـعيد دخول قافلة المساعدات الأممية بعدة غارات جوية أسفرت عن ارتقاء عشرات الشهداء وجرح أمثالهم في مشهد للموت جديد يمكن أن يطلق عليه اسم : الموت بطعم الإغاثة !!

 

 

وكي يكتمل مشهد الاستمرار بقتل أهالي الغوطة بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة دوليا تحت يافطة السماح بإغاثتهم يأتي توثيق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) لحالات اختناق حدثت بالأمس بعد دخول المساعدات الأممية إلى الغوطة , حيث تمكنت فرق الإنقاذ في الدفاع المدني من إخلاء 30 مدنيا أصيبوا بحالات اختناق جُلهم من النساء والأطفال جراء هجوم لقوات النظام بغاز الكلور على الأحياء السكنية في المدينة .

 

 

وأوضح الدفاع المدني، أن الحصيلة الأولى تشير إلى إصابة 15 طفلاً و13 امرأة ورجلين، إضافة لمتطوعين اثنين أصيبا بحالات اختناق أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني في إسعاف المصابين .

 

 

الهجوم الكيماوي الجديد جاء بعد قصف بالصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية والفوسفور المحرمة دوليا حسب ما أكد مراسلون , لينتهي يوم دخول ما يسمى بــ"المساعدات الأممية" بأكبر حصيلة شهداء وصلت إلى حوالي 100 ناهيك عن الجرحى والمصابين والمفقودين تحت الأنقاض .

 

 

لم يكف كل ما سبق من إجراءات لجعل دخول قافلة المساعدات الأممية إلى الغوطة اسما من غير حقيقة وعنوانا من غير مضمون , فصدرت الأوامر من الاحتلال الروسي للقافلة بالخروج من الغوطة قبل استكمال إفراغ حمولتها لتخرج القافلة مسرعة قبل أن يتم افراغ حمولة 9 شاحنات من أصل 45 شاحنة التي تتألف منها القافلة أي ما يقارب ربع كمية المساعدات .

 

 

المنظمة الأممية التي لم تستطع إلزام روسيا وطاغية الشام بتنفيذ أي من قراراتها الهزيلة فيما يتعلق بمأساة الغوطة الشرقية.... لا يمكن إغفال دورها المشين في استمرار حملة الإبادة بأطفال ونساء ومدنيي الغوطة , حيث إنها لم تكتف بالصمت والعجز فحسب بل كانت على طول الخط إلى جانب قاتلي الأطفال ومستخدمي الأسلحة المحرمة دوليا .

 

 

ليست الدول الغربية أيضا - وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية – بمنأى عن المسؤولية إزاء المجازر المروعة المستمرة في الغوطة , فلولا صمتهم المريب بل وتواطؤهم المشين لما استمر القتل والتهجير بالسوريين ولما اختلطت دماء الأطفال والأبرياء بالمساعدات الأممية المزعومة .