24 شعبان 1429

السؤال

أنا شاب عاقد على فتاة منذ سبعة أشهر والزفاف بإذن الله بعد خمسة أشهر...تكمن المشكلة في هذه الفترة في اختلاف وجهات النظر حول حدود العقد، ونظرا لذلك فقد حاولت جاهدا التبكير بالزفاف لتجنب هذه المشكلة خاصة مع ما يتعرض له الشباب من فتن هذه الأيام ...ولكن والدها الذي هو بمثابة والدي لم يوافق ورأى في ذلك عجلة لا داعي لها...لذلك فقد حاولت التعايش مع هذا الوضع بما يحفظ لي ديني ويبعد عني وساوس الشيطان وفي نفس الوقت مالا يشذ عن العرف في أن البناء وما حام حوله لا يجوز الاقتراب منه إلا بعد الزفاف وأنا أدرك هذا جيدا وابتعد عنه كل البعد بما في ذلك المكالمات التلفونية و أتعايش كأني أعزب هذه الفترة إيمانا مني بأنه لا يوجد ما يسمي وسطيه في ذلك إلا أن هذه الملابسات وما بها زاد علي ذلك الشعور بالصد من الطرف الآخر يخلق نوع من الحساسية بما قد يترك أثرا سيئا بعد ذلك ...نحن الآن في حيرة من أمرنا فما هو الحل ؟؟

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أشكر لك ثقتك في الموقع وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يجمع بينكما في خير وعلى خير، وأني يرزقكما الذرية الصالحة ويبارك لكما في حياتكما ويوفقكما إلى العمل الصالح.
أخي الكريم لا شك أن العرف السائد في البلاد ما لم يخالف شرعاً ولا رأياً معتبراً يأخذ تنفيذه مأخذ العمل به، وقد سبق الإمام مالك رحمه الله وعدّ عمل أهل المدينة مصدراً من مصادر التشريع في بعض الحالات، وكما ذكرت أن العقد والعرف يتداخلان، وبما أن العرف السائد في البلاد (أن البناء وما حام حوله لا يجوز الاقتراب منه إلا بعد الزفاف) فقد أحسنت صنعاً عندما آثرت السلامة وحاولت الابتعاد عن أسباب ومسببات ودوافع وعوامل كما تسميها (حساسة) قد تؤثر على علاقتك بأهل زوجتك أو تخالف ما تعارف عليه المجتمع الذي تعيش فيه، ومن جانب آخر لم يبق على الزفاف إلا خمسة أشهر هي أيام قليلة وقليلة جداً، وكم من شباب يتأخر زفافهم سنوات بهدف إكمال ما نقص أو جمع ما تفرق، وأنت وقد أنعم الله عليك باكتمال استعدادك للزفاف فاحمد الله عز وجل، وابدأ التهيأة والاستعدادات النهائية، وتحسين وتجميل ما قد تم، ولتكن الأيام المتبقية على الزفاف فرصة لك ولزوجتك ، كي يستعد كل منكما للآخر ويرسم صورة ذهنية ويضع برامج عملية ويفكر في وسائل لإسعاد الآخر وتكوين أسرة مسلمة سوية تقوم وتتأسس على تقوى من الله ورضوان، كما يمكنك وزوجتك الاستفادة من الوقت المتبقي على الزفاف بالاطلاع والقراءة وحفظ ما تيسر من القرآن والاطلاع على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع زوجاته، وهي فرصة للاسترخاء الذهني والبدني بعيداً عن لهث الاستعدادات وعجلتها، كما أنه من الضروري عدم الدخول في جدال مع والد الزوجة في الإصرار على تقديم الزفاف حتى لا يكون مدخلاً من مداخل الخلاف، و من المفضل أن تظل علاقتك بزوجتك خلال هذه الفترة – ودائما إن شاء الله- مزيدا من الاحترام والتقدير وعدم الدخول في مناقشات أو مكالمات طويلة، والاكتفاء بالاطمئنان والتصبر على باقي الأيام مع التقارب المعنوي وأن تشعرها أنك تقدر تحملها وصبرها وأنك توافق على هذا الانتظار ترضية وبراً بوالدها الذي تقدره وتكن له الاحترام كوالدك تماماً مما يكبرك في نظرها ونظر والدها أيضاً، ومن المهم أن يشعر والدها بهذا إكباراً واحتراماً، وكثيراً ما يتغير موقف والد الزوجة عندما يرى التقدير والاحترام والتوقير من زوج ابنته ويسرع لمساعدته والوقوف معه.
والله تعالى أسأله لك ولزوجتك التوفيق والرشاد..