17 جمادى الأول 1427

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته<BR>أنا شاب على طريق الاستقامة، ولكني ابتليت (بحب المردان)، فماذا أفعل؟؟<BR>

أجاب عنها:
جمّاز الجمّاز

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وبعد: إن ظاهرة التعلق دبّت وعمت في المجتمع بين الفتيان مع بعضهم، والفتيات مع بعضهن، وكل مع الجنس الآخر، على مختلف أعمارهم وفئاتهم واتجاهاتهم ومحاضنهم التربوية، وانتشرت في صفوف المراحل الجامعية والثانوية، والصف الثالث المتوسط، وبقلّة في الأول والثاني المتوسط، وربما بين الأقارب والقريبات، والناس فيه – أي التعلق – أنواع، كلٌّ له فيه طريقة وأسباب ومظاهر، يشترك الجميع في غالبها، وكل واحد يبحث فيه عن هدفه وغايته. إنه داء عضال، بل شر ووبال، إنها فتنة أهلكت الشباب ودمّرت الفتيات، ولم ينج منها إلا القليل، إنها مشكلة أتت على الصحيح والسقيم، بل بدأت تدب حتى في أوساط من يُشار إليهم بالبنان، جاوزت الحدود والقيود، ذهب ضحيتها الكثير والكثير، والكل يشهد ذلك ويلحظه، ما بين ضائع ومنتكس وحائر أو مسجون. هذه الظاهرة لها أسباب عدة، من أبرزها: 1 – بعد القلوب عن الله _عز وجل_، وعدم تعلقها وأنسها بالله _تبارك وتعالى_. 2 – قلة مراقبة الله _تعالى_، وعدم الخوف منه _سبحانه وتعالى_. 3 – التقصير في أداء الصلوات، وإهمال السنن، وهجر القرآن الكريم. 4 – الفراغ القاتل "أبو المصائب". 5 – صديق السوء "السم القاتل". 6 – مشاهدة القنوات الفضائية التي تخل بالآداب، وتعرض صور النساء، وتحكي الفساد وتنشره. 7 – كثرة المخالطة والمجالسة، للصغار من قبل الكبار، وإدامة النظر إليهم. 8 – ترك الزواج وإهمال تحصين الفروج. 9 – التخفيف من الشهوة، بالتلذذ بالنظر إلى الوجه، وكثرة مجالسته. 10 – اعتقاد أن التعلق أمر طبيعي ولا بد منه. 11 – الاهتمام بقراءة قصص الحب والغرام، وشعر الغزل. 12 – الشهوة الخفية وإدامة النظر والقراءة في المجلات الخليعة. 13 – استخدام خط الخيانة، لا الصداقة. وعلاج هذه المشكلة، يكمن في معرفة أسبابها، ومن ثم الابتعاد عنها، وإليك بعض الوسائل والطرق المناسبة للعلاج، منها: 1 – ادع الله _تعالى_ كثيراً أن يُنجّيك من هذه المعصية، وأن يهيئ لك من أمرك رشداً، فالدعاء سلاح المؤمن. 2 – تذكّر أن الله _تعالى_، مطلع على نيتك وأفعالك، وأن ملائكته وجوارحك شهود عليك يوم القيامة. 3 – اسلك طريق الاستقامة، وجدّد التزامك بهذا الدين. 4 – غيّر حياتك وأصدقاءك، تقدّم لا تتردد. 5 – اجعل قلبك مليئاً بالحب لله _تعالى_، والخوف منه _سبحانه_، علّقه بقراءة القرآن والصلاة والاستغفار وذكر الرحمن _تبارك وتعالى_. 6 – ليكن تعلقّك بالله _عز وجل_، لا بالذات والأشخاص من أصحاب الفن أو الرياضة. 7 – تذكر دائماً أنك واقع في وحل المعصية، واستحضر ما يصاحب ذلك من نيل غضب الله _تعالى_ وسخطه، وعدم توفيقه لك. 8 – استشعر ما أنت فيه من ضعف الإيمان، وفقدك للذة العبودية وحلاوة الطاعة. 9 – ألم تعلم أن التعلق يسبب وحشة في القلب، وظلمة في الوجه، وسوءاً في الخاتمة، والله أعلم بما في الآخرة، فماذا تنتظر؟ 10 – تأمل النتائج التي دمّرت نفسك وحياتك وبيتك ومجتمعك، من الهم والضيق والاكتئاب، والحيرة والخوف والاضطراب، والسهر والقلق والمرض، فضلاً أنه لا يهدأ لك بال، ولا يقر لك قرار، كم من أموال ضاعت، كم من أملاك تلفت، كم من أخلاق فسدت. 11 – هل تعلم أنك باستمرارك في عملك المشين هذا تغلق أبواب الطاعة أمامك، وتفتح أبواب الخذلان أمامك، إذن لا تستمر، توقف. 12 – تصور أنك قد فقدت الغيرة والحياء، فماذا بعده يا تُرى؟ 13 – اعلم علم اليقين أن التعلق بعده وقوع في المحرمات، وانتهاك للحرمات. 14 – اعلم أنك في ضياع وانحراف، ومعرّض للمز والغمز والهمز، وتناقل الإشاعات حولك، سوف ترديك في مواطن الريب والتُّهم، فانج بنفسك. 15 – كل من سلك هذا المسلك، فهو في فرقة وخلاف، وكل حين عداوات وتحزبات ومشكلات، فهل أنت راغب في هذا؟ هل أنت قادر على تحمّل هذا؟ 16 – اعلم أنك بفعلك هذا تهدم وتفسد الأسر والمجتمعات، وتفكك محاضن التربية ودور التوجيه، فهل يفعل هذا عاقل؟ 17 – ألم تعلم أنك بتعلقك هذا، تهدم مستقبل الإنسان وعمره وشخصيته، وتتسبب في تعطيل فكره وعقله، وتتحمل فشله في مسيرته الدراسية أو الوظيفية، فلماذا أنت مُصِرّ على الإضرار به؟ 18 – يجب أن تعلم أنك ظالم لنفسك، ولتلك النفوس التي تحمل براءة الطفولة والعفاف من بنين وبنات، فلماذا تظلمه، وأنت لا تريد له إلا الخير؟ 19 – ابتعد عن كل ما يثير الغرائز والشهوات وتلامس الأجسام. 20 – غض طرفك، ولا تنظر إلى ما يثيرك. 21 – ابتعد عن ذلك الإنسان وكل ما يذكرك به. 22 – حاول أن تنساه بشتى الطرق وبكل قوة. 23 – لا تلتفت إلى طيب لسانه وجميل إحسانه وكلام الناس عنه. 24 – حاول التهرب منه والاعتذار عن المكالمات واللقاءات، مهما كلفك الأمر. 25 – تذكّر أخطاءه وزلاته ومعايبه، وأنه مثلك يحمل في بطنه ما تحمله في بطنك من الأذى والأقذار. 26 – املأ وقتك بزيارة الأقارب والجيران وأصحاب الأخلاق وأهل الرجولة والشهامة. 27 – اهتم بقراءة الكتب النافعة، والمجلات المفيدة. 28 – استمع للمحاضرات والأناشيد، فهي بديل عن كل رذيل. 29 – تعلّم الحاسب والخط، شارك في الدورات المهنية بأنواعها. أظنّك بعد هذا: ستجد صعوبة في أول الأمر، لكن الراحة في النهاية، لن تخسر شيئاً إذا تركته، بل ستعيش حياة الأحرار، وتخرج من ذلك الأسر السُّعار. ووصيتي لك، أن يكون حبك للآخرين معتدلاً خالصاً لله _تبارك وتعالى_، بحسب إيمانه وتقواه، لا للجمال والأنساب والأحساب والمصالح وحسن الأجسام والهيئة، وتذكّر دائماً: أن الجمال الحقيقي هو جمال الأخلاق: طهارة القلوب ونقاء النفوس، خلق عال، وأدب راق، وأما جمال الوجوه، فسرعان ما يزول ويفنى ويُنسى، ويبقى جمال النفوس، يذكر على الدوام فلا يُنسى. إن الافتخار بالجمال ليس من شِيَم الرجال. <DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">وما ينفع الفتيان حسن وجوههم</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"> </br> إذا كانت الأخلاق غير حسان</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV> وما تنفع الثياب اللامعة، والأطياب المنعشة، إذا كانت النفوس مظلمة لا تعرف لله حقاً ولا لرسوله _صلى الله عليه وسلم_ طاعة وانقياداً، ولا لأحد من الوالدين أو الناس احتراماً وتقديراً، صحّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم" وأشار بأصابعه إلى صدره(1). <DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">عجبتُ لمن ثوبه لامع</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"> </br> ولكنما القلبُ كالفحمة</SPAN> </TD> </TR><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"> </br> مظاهرُ براقة تحتها</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"> </br> بحارٌ من الزيف والظلمة</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV> وأشير عليك بقراءة كتاب (وفي الصراحة تكون الراحة) لفهد بن يحيى العماري، فإنه نافع مفيد، أسأل الله _تعالى_ أن يهديك لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا هو _سبحانه_، وفقك الله لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. _______________ (1) صحيح مسلم (2564) البر والصلة والآداب.