9 رجب 1426

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر (28 سنة) مشكلتي هي أنني عندما كنت صغيرة كان لي ابن خالة في نفس سني تقريباً، وكان أهلي وأهلة يقولون عندما تكبرين ستتزوجين من فلان وأخي الذي أكبر مني يقولون أنت ستتزوج ابنة خالتك، وكان جميع أقاربنا يعلمون بالأمر، وعندما كبرنا ووصلت الجامعة وأخي الذي يكبرني توظف قال: لأهلي: إنه يريد الزواج من فتاة أخرى من عائلة أبي فما كان من أهلي إلا أن غضبوا منه جميعهم وتشاجروا معه لكن دون جدوا وسكتوا أهلي على الأمر، لكن خالتي وزوجها سألوا أهلي وتهربوا أهلي من الإجابة، وقالوا: لعله يرجع في رأيه ولكن دون جدوا، وعندما تصادفت خالتي مع أخي سألته عن الأمر، فقال: إني أتمنى لها التوفيق مثل أختي، وبعد ذلك علموا خالتي وزوجها من أنه يريد فتاة أخرى وغضبوا من الأمر .<BR>بالنسبة لابن خالتي كان لا يزال يدرس في الجامعة وكان شاباً مستقيماً يثني عليه الكثيرين بالخير، ولكني كنت لا أرغب في الزواج منه، وذلك لعيب فيني، وكنت أتمنى أن يعرض عن فكرة الزواج مني؛ لأني كنت أخشي ألا يصدقني؛ لأنه لا يعلم بأمري ولا بصدقي سوى الله _عز وجل_ وسكت عن الأمر فما كان من ابن خالتي إلا أن أرسل أخي يخبره برغبته بعد أن أخبر أهله ووافقوا، وعندما أخبروني أهلي لم أخبرهم بأمري واستخرت الله وهداني الله إلى الرفض كنت أحس بحزن لا يعلم به سوى الله _عز وجل_ ولكني كنت أخشى أن يكون طلاق فأكون أنا من تسبب في القطيعة غضبوا أهلي مني وحاولي فيني جميعهم لكني كلما استخرت وجدت نفسي مرتاحة لهذا الأمر وأخذت أمي تدعو علي، وتقول: أنتي تسمعين للشيطان، أنا غاضبة عليك في الدنيا والآخرة، دعيت الله _عز وجل_ أن يصرفه عني، وأن يكون الرفض منه، وأرسل أخته التي رفض أخي الزواج منها لسؤالي، وبعد أن أخبرتني بقوله قالت: الأفضل لكي ألا توافقي عليه؛ لأنه سيحرمك من أشياء كثيرة، فقلت: أخوك ألف فتاة تتمناه، لكني استخرت الله ويمكن هذا الشيء فيه شر لنا، وأتمنى أن يرزقه الله بالتي هي خير له مني ولم أخبرهم بما كتمت في صدري ، وقلت: أفضل شيء أن يبحث له عن زوجة وعندما يخطب يخبر أهلي بالأمر حتى لا يكون هنالك مشاكل بين أهلنا ولم يعلم أحد بالكلام الذي دار بيني وبين ابنة خالتي بعد مرور أيام إذا بزوج خالتي يكلم أهلي في الهاتف ويقول لهم: إن ابني لا يريد الزواج من ابنتكم، وإنه يقول خلصوني منها فأنا لا أريدها ، أهلي عندما سمعوا هذا الكلام تأثرت كثيراً، وكان زوج خالتي وابنه أرادوا أن يأخذوا من ثأر ابنتهم فيني، كنت أتمنى أن يكون الرفض من ابن خالتي ولكن ليس لدرجة الإهانة، وليت الأمر توقف على هذا الحد، بل إنه أخذ يقول لكل من سأله أنني لم أتزوجها؛ لأنها غير مستقيمة مرت الأيام وأصبحت العلاقة بيننا وبين خالتي سيئة وبعد مرور الأيام تزوج ابن خالتي ثم تزوج أخي ثم تزوجت ابنة خالتي، وبقيت أنا أحمل همّ الجميع ، فالجميع خرج من هذه المشكلة وألقى بحملها عليّ، وكان بنات خالتي يقولون عني: إن نيتي سيئة وإن الله أراها سوء نيتها، مع أن الله هو وحده العالم أنني ما نويت سوء بأحدهم وفي تلك المدة أختي التي تكبرني طلبت الطلاق من زوجها، وطلقها وأصبح اهتمام أهلي مركز على أختي، وكانوا حريصين على زواجها، وكان يأتونها خطاب كثير لكنها كانت تريد شخصاً متوافرة فيه جميع الشروط، فكانت لا تريد أن تتنازل عن أي شرط من شروطها وفي وقت من الأوقات كنت أُلاحظ أمي تتحدث مع أختي بصوت منخفض فإذا جلست معهم سكتوا، وفي يوم من الأيام بينما أنا جالسة وأختي في الغرفة جاءت أمي، وقالت لأختي : تعالي أنظري إليه، وعندما رأتني أمي خرجت من الغرفة، وسألت أختي، فقالت: إن ابن خالتي جاء بصديق له يريد أن يخطبني، وإن هذا الرجل لم يتزوج من قبل فقلت لأمي: إن هذا الزوج يصلح لأختي تقصدني ولكن أمي رفضت، وقالت: إنه يريدك أنتِ، وقالت: إنني مترددة؛ لأنه أصغر مني ولم يتزوج بعد حاولت أن أخفي ما في صدري من جرح؛ لأن ابن خالتي الذي جاء به هو نفسه الذي أهانني وتكلم بي عند الآخرين، وأخبرت أختي بأن الأمر عادي، وعندما حاولوا فيها أهلي ورفضوا قالوا لي: أقنعيها وكأن أهلي نسوا أو تناسوا الجرح الذي سببه لي ابن خالتي .<BR>كلمة أختي في الأمر ووافقت لإقناع أهلي لها ورجعت الأمور بيننا وبين خالتي على ما يرام فأمي وأبي وإخواني رضوا عنهم بمجرد أن تم هذا الأمر، أنا لا أتمنى لأختي إلا كل خير، لكن الذي أحزنني في الأمر أن أهلي جميعهم لم يحسوا بالألم والحزن الذي أشعر به حتى أقرب الناس لي وهما والدي تخلو عني في الوقت الذي كنت في أمس الحاجة لهم حتى بعد أن تم أمر زواج أختي الكل مهتم بها، أما أنا فتمنيت لو كلمه طيبة من أمي تخفف من الألم الذي بي ولكن للأسف لم ألق أي اهتمام هذي هي مشكلتي، والذي أريده منكم توجيه نصيحة؛ لأني لم أجد حب أهلي مثل أول لما رأيت منهم، وجزاكم الله كل خير.<BR>

أجاب عنها:
جمّاز الجمّاز

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وبعد: اعلمي أيتها الأخت الكريمة أنّ ما حصل لكِ هو قضاء الله وقدره، وقولي: "قدَّر الله وما شاء فعل" كما في الحديث الصحيح. بل هو علامة من علامات محبة الله لك، حيث ابتلاك بهذه المصيبة، وصار كل أهلك ضدك، فاحرصي دائماً أن تقولي: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها" كما في الحديث الصحيح. والله _جل وعلا_ قدَّر لكِ هذه المحنة، وقد أراد بكِ خيراً وأنتِ لا تعلمين، وقد صحَّ في الحديث أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "من يُرد الله به خيراً يُصب منه" فاصبري واحتسبي وأبشري بموعود الله في الدنيا من تصفية نفسك من الذنوب، وتهيئتك لتحمّل نوائب المستقبل، وإعدادك لأن تكوني أماً عظيمة، تنجبين الأولاد العظماء. ولزوج أراده الله لكِ، خير مما أردتِ، ولكنكِ لا تعلمين. وما يضيرك أن يكتب الله لكِ الحسنات، ويمحو عنك السيئات، ويرفع لكِ الدرجات وهنا ألْفِتُ اهتمامكِ وتفكيركِ إلى أمور: 1- عدم اهتمام والديك بك، أمر طبيعي، وليس فيه ما يدعو إلى الاستغراب؛ لأنهما يريدان منك تنفيذ ما أرادا، ولم تنفذي شيئاً، وقد يساعد ذلك عدم تديّن والديك، وعدم اهتمامهما بالأمور الشرعية، أو قد يكون ذلك عادة لهما في معاملتهما للناس ولو أولادهم. 2- عادة بعض المجتمعات، وخاصة في الأقارب، وهي الاتفاق على تزويجهما من الصغر فلان لفلانة، وفلانة لفلان، إلزاماً إذا كَبِرا، مع وجود بعض الفوارق وعدم التكافؤ ديناً ودنيا، أمر لا يُقرّه الشرع، وعواقبه وخيمة، فضلاً عما يحدث من نزاع وخصومة، إن لم يتم الزواج، هذا وقد تمتد آثار الخصومة إلى العلاقات الأسرية إذا كانوا أقارب، مع أنّ مجرد الحَجْر على كل من الرجل والمرأة، أنت تتزوج فلانة، أنتِ تتزوجين فلاناً، هو أمر منكر، فما بالك إذا فُقدت الكفاءة، فننصح بقطع دابر تلك العادة، واستفيدي من مشكلتك هذه في تزويج أولادك في المستقبل، بأن يكونوا أحراراً، وخيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، أن يتزوجوا وهم راضين ومرضيين في دينهم وخُلُقهم. 3- أشير عليك بعدم قطع صلتك بأبويك، مهما قالا وفعلا، وصدَر منهما ما يُكدّر خاطرك ويسوء نفسك، ومعلومٌ شرعاً أن صلتهما واجبة وإن كانا كافرين، فما بالك وهما مُسلميْن، لا تعامليهما بمثل ما عاملوك به، بل قابلي السيئة بالحسنة، وحينها يحسنان إليك ويحترمانك، فإذْ لم تستطيعي ذلك فالسكوت وعدم المواجهة خيرٌ لكِ، ولسوف ترضين بعد ذلك عاجلاً أو آجلاً. 4- حل مشكلتك بيدك، انسي ما فات، فإن لم تستطيعي ذلك فتناسيه، ابدئي صفحة جديدة، ابدئي حياة جديدة، عنوانها الاستقامة، وملؤها الطاعة، حافظي على الواجبات، واتركي المحرمات، تزوّدي من الطاعات، وأكثري من الدعوات في الخلوات [آخر الليل – في السجود – عصر الجمعة – بين الأذان والإقامة] بأن يثبتك الله على دينه، وأن يهديك صراطه المستقيم، ويوفقك لما يحب ويرضى ويعجّل بزوال مشكلتك، وبزوج ترضينه ويرضاك. 5- استعيني بالله _عز وجل_، ثم بصديقة صالحة خيرة، ولو من أقاربك، ولو لم تعرفيها، واعرضي عليها مشكلتك فقد تجدين حلاً غير ما ذكرنا. 6- الزمي الهدوء مع أختك، وادعي لها بالتوفيق، فإن فعلتِ ذلك فسوف توفقين _إن شاء الله تعالى_. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.