في نور آية كريمة.. "إن الله وملائكته يصلون على النبي"
23 رمضان 1440
أمير سعيد

أمر الله سبحانه وتعالى بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، لعظيم شرف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حوت هذه الآية العديد من الفوائد، وتعلقت بها عدد من المسائل، منها ما يلي:

 معنى صلاة الله وملائكته على النبي صلى الله عليه وسلم فيها أكثر من تأويل:
-    البركة: يباركون على النبي، قاله الطبري وروى في ذلك قولاً لابن عباس رضي الله عنه.
-    الرحمة: يرحم الله النبي، وتدعو له ملائكته. ذكره الطبري أيضاً.

-    الثناء والتعظيم: ذكر الألوسي أنه "قيل: هي منه عز وجل ثناؤه عليه عند ملائكته وتعظيمه، ورواه البخاري عن أبي العالية وغيره عن الربيع بن أنس (...) وتعظيمه تعالى إياه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء العمل بشريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين الشهود"

-    الاعتناء بالمصلي وإرادة وصول الخير له: قال الألوسي: "قال بعض الأجلة: إن معنى الصلاة يختلف باعتبار حال المصلي والمصلى له والمصلى عليه، والأولى أنها موضوعة هنا للقدر المشترك وهو الاعتناء بالمصلى عليه أو إرادة وصول الخير"

-    المغفرة: قال الشوكاني: "حكى الواحدي عن مقاتل أنه قال : أما صلاة الرب فالمغفرة ، وأما صلاة الملائكة فالاستغفار."
-    قول آخر: قال الشوكاني: "قال عطاء بن أبي رباح: صلاته تبارك وتعالى: سبوح وقدوس سبقت رحمتي غضبي."

معنى "صلوا عليه وسلموا تسليماً":
"يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه": قال أبو حيان الأندلسي: "أي: ادعوا له بأن يصلى عليه". وقال البغوي: "أي: ادعوا له بالرحمة "وسلموا تسليما" أي: حيوه بتحية الإسلام".

تشريف النبي صلى الله عليه وسلم بالآية:
قال الإمام القرطبي: "هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام حياته وموته، وذكر منزلته منه، وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء، أو في أمر زوجاته ونحو ذلك"، وأوضح الألوسي تعريف اسم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة النبوة والتعريف بأل بقوله: "وعبر بالنبي دون اسمه صلى الله عليه وسلم على خلاف الغالب في حكايته تعالى عن أنبيائه عليهم السلام إشعارا بما اختص به صلى الله عليه وسلم من مزيد الفخامة والكرامة وعلو القدر، وأكد ذلك الإشعار بأل التي للغلبة إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم المعروف الحقيق بهذا الوصف". وأضاف: "وقيل: "ملائكته" ولم يقل "الملائكة" إشارة إلى عظيم قدرهم ومزيد شرفهم بإضافتهم إلى الله تعالى وذلك مستلزم لتعظيمه صلى الله عليه وسلم بما يصل إليه منهم من حيث إن العظيم لا يصدر منه إلا عظيم، ثم فيه التنبيه على كثرتهم وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه واصلة إليه صلى الله عليه وسلم على ممر الأيام والدهور مع تجددها كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأنهاه وأشمله وأكمله وأزكاه".

فضل وحكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
ورد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبين فضلها، نقتصر على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ... الحديث". واختلف العلماء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما بين الاستحباب والوجوب، ما لا مجال لبسطه هنا. ويكفي أن الآية الكريمة حملت هذا الأمر الجليل، والتشريف العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم بما يغني عن كل بيان.

صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
روى مسلم في صحيحه عن الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"
هذه إحدى الصيغ الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 
في كلمة:
لقد جعلت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم شرفاً له، وللمسلمين جميعاً، ترفع درجاتهم وتحصد بها الحسنات، في الصلوات، وفي أذكار الصباح والمساء، وفي الأذكار عموماً، وفي يوم الجمعة، وفي كثير من العبادات، ما يشي بأن كثرة تردادها على هذا النحو تذكيراً دائماً للأمة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، بقيادته، بسيرته، بقدوته، بالارتباط الدائم به في كل لحظات الحياة منذ سماع اسمه عليه الصلاة والسلام في أذن المولود، وحتى شفاعته يوم القيامة، وإلى الطمع في شربة من يده الشريفة على الحوض، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.