2 ربيع الأول 1437

السؤال

السلام عليكم..
أنا طالبة علم شرعي بدأت منذ سنة، لكن متقطعة وعدت قبل شهر رمضان الماضي، وعزمت على أن أدخل معهد معلمات قرآن هذا العام، ولكن أتاني الخوف؛ فالدين ليس سهلاً وأمره عظيم وأنا أخاف أن أكون ممن يكون العلم الذي أتعلمه حجةً عليَّ لا لي، أنا ليس لدي بالعائلة أو من صديقاتي إنسان متدين لكي أطلب منه نصحي، فهل من نصيحة أو رأي لما يجب فعله لأثبت على الطريق؟ وشكراً.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختنا الفاضلة – مرحباً بك في موقعك (المسلم)
بخصوص سؤالك المبارك أجيبك بما يأتي:
أولا: أبشري – أختي الكريمة – بأن الله تعالى يحبك ويريد بك الخير، ودليل ذلك أن ألهمك حب طلب العلم والعزم على ذلك، والسعي لذلك بسؤال أهل العلم. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" رواه البخاري.
ثانياً: عليك أولاً بتثبيت نفسك على الاستقامة على الدين، وتقوية إيمانك وزيادته عن طريق الإكثار من الأعمال الصالحة بكافة أنواعها، والمحافظة على الواجبات فضلاً عن السنن والنوافل، والمحافظة على ورد قراءة القرآن يومياً، وأذكار الصباح والمساء؛ فإن الإيمان وزيادته هو المحفز والمنشط لك إلى كل خير فضلاً عن طلب العلم.
ثالثاً: الاعتناء الكبير بتصحيح العقيدة والحرص على أن تكون عقيدتك موافقة لعقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ لأن العقيدة هي الموجهة
للإنسان في سلوكه وأقواله وأفعاله فانتبه لذلك جيداً، وأهم الكتب في ذلك كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – مثل: (الأصول الثلاثة، والأربع مسائل، كتاب التوحيد) وكتب الشيخ ابن تيمية (العقيدة الواسطية، التدمرية، والحموية، والعقيدة الطحاوية، كتاب الإيمان) وكتب ابن القيم. وشروحها متوافرة في الشبكة العنكبوتية.
رابعاً: الملازمة للقرآن الكريم:
1- تعلم تلاوته وترتيله.
2- الاجتهاد في حفظ القرآن؛ ففضيلة حفظه عظيمة كما أنه أساس الدراسات اللغوية والإسلامية جميعاً، إذ ما ألفت هذه العلوم إلا لفهمه وشرحه وتفسيره والعمل بما يدعو إليه.
3- أن يكون الحفظ وتعلم التلاوة على يد متقن.
4- لابد من الإلمام بتفسير القرآن، ولو موجز كتفسير (تيسير الكريم المنان / للشيخ السعدي) أو (تفسير الجلالين).
5- القراءة فيما يتعلق بعلوم القرآن مثل: مباحث في علوم القرآن / لمناع القطان.
خامساً: الصحبة الحميمة للسنة النبوية وأقصد بها معرفة حياة النبي صلى الله عليه وسلم جيداً، والاجتهاد في الاقتداء به في كل شيء ما استطعنا حيث هو القدوة الحسنة كما وصفه الله، وكما أمرنا الله بحسن الاقتداء به لأنه صلى الله عليه وسلم هو المفسر والمترجم للقرآن الكريم بأقواله التي قالها، وأفعاله، وتقريراته ومعاملاته وسائر أحواله.
1- لذا عليك بالقراءة في السيرة النبوية كثيراً مثل: الرحيق المختوم / للمباركفوري، ونور اليقين / للخضري، زاد المعاد / لابن القيم.
2- القراءة في كتب الشمائل المحمدية مثل: الشمائل المحمدية للترمذي.
3- القراءة في كتب الحديث النبوي الشريف، مثل الأربعون النووية، رياض الصالحين، صحيح مسلم، وصحيح البخاري وبقية كتب السنة وشروحها.
سادساً: عليك بالإكثار من القراءة في كتب آداب طالب العلم، التي تحدثت عن فضل طلب العلم لشحذ الهمم، وآداب طالب العلم حتى يراعيها طالب العلم ليتحصل على بركة العلم، وكتب العلم وآداب القراءة، وما يراعى في القراءة، وصفة مجالس العالم، وأدب صحبة العلماء... فالقراءة في كتب طلب العلم لها فوائد جمة
1- شحذ الهمة وتقوية الرغبة.
2- توفير الوقت والجهد.
3- معرفة القيام بالطلب النافع.
و أهم كتب طلب العلم: بيان العلم وفضله / لابن عبد البر، أيها الولد / للغزالي.
سابعاً: ضرورة طلب العلم على يد العلماء وعدم الاقتصار على القراءة في الكتب؛ لأن العلم في الكتب ولكن مفاتيح فهمه عند العلماء، فعليكِ اختيار من العالمات والعلماء الثقات من أهل بلدك ممن هو معروف بين أهل العلم بالصلاح والتقوى والعلم، والزم دروسهم ومجالسهم واسترشدي بهم حتى يوجهوك على حسب ظروفك وأحوالك من جميع الجوانب. إذا وفقت في اختيارهم فسيكونون مرشدين ومعلمين ومربين وموجهين لك. فاستعيني بالله على الاهتداء إليه وأكثري من الدعاء.
ثامناً: عليك باختيار رفيقة توافقك في رغبتك المباركة، وتعاونا معاً في طريق طلب العلم بالحب والإخلاص والصدق والوفاء في أدب الصحبة؛ ففي صحبة الرفيقة الصالحة في أفضل الأعمال المباركة _وهو طلب العلم _ خير كثير من الثبات على طريق الطلب، وتوفير الوقت والجهد، وتلاقح العلم.
تاسعا:وعليك بالسعي الصادق للتسجيل في هذا المعهد المبارك الذي ذكرتيه (معهد إعداد معلمات القرآن الكريم) فبه وعن طريقه –بإذن الله- سيتحقق ما نصحتك به من قبل ولا تترددي لحظة فإنه هذا التردد والتخويف من تثبيط الشيطان فاستعيذي بالله كثيرا واسألي الله الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد والسعي بالنية الصالحة بتعلمك من القيام بواجب طلب العلم حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم(طلب العلم واجب على كل مسلم ومسلمة) لكي نعبد الله على علم وبصيرة ولكي تنالي شرف الانضمام لأهل العلم وتنالي الأجر والمكانة ورضا الله في الدنيا والآخرة بسبب طلب العلم والعمل به ونشره وتعليمه الناس ودعوة الناس وتوجيههم إلى ما أرشد إليه يقول الله تعالى(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن من في السماوات والأرض حتى الحيتان في البحر ليستغفرون لمعلم الناس الخير) فاستعيني بالله تعالى واطلبي العلم مستحضرة دائما النيات الحسنة السابقة ولا تخافي من شيء فبالعمل بما سبق –قدر المستطاع-يأتيك توفيق الله لطلب العلم وللعمل به ‘ودعوة الناس إليه وتعليمهم إياه ‘ ويأتيك بركة هذا من رضا الله والأجر العظيم في الدنيا والآخرة ‘ويكون حجة لك إن شاء الله.
عاشرا: احرصي على الموازنة بين طلب العلم وأمور حياتك الأخرى، ولا تجعلي طلب العلم الشرعي يطغى على واجبات أخرى، واجتهدي في طلب العلم الشرعي والعمل به، لنفع البلاد والعباد ولتعمير ا لحياة وفق المنهج الذي يريده رب العالمين، رب الكون،رب العرش العظيم.
وأخيراً: أكثري من الدعاء أن يصطفيك الله بأن تكوني من عالمات دينه وحملة شرعه وأن يستخدمك في طاعته.
أرجو الله أن يشرح صدرك وأن يوفقك لطلب العلم النافع والعمل الصالح، وأن ينفع بك عباده.
والله الموفق.