من أبطال غزة إلى صغار العرب!!
21 شوال 1435
ريم سعيد آل عاطف

على المستوى الشخصي والعام، وفي كافة الأمور والقضايا، لا يمكن لبعض الحسابات المادية الظاهرة والتصورات الآنية المؤقتة والرؤى المحدودة القاصرة أن تكون مقياسا وحكما دقيقا عميقا للتقييم وتحديد النجاح من الفشل!

 

وفي المواجهات الأخيرة بغزة وبعد الانسحاب البري للعدو الصهيوني، علت ونشزت -كالعادة- أصوات المخذلين العرب من أصحاب خطاب التصهين تمجيدا للمحتل الغاصب وتأكيدا لنجاحه وانتصاراته، بينما يكاد العالم يجمع -هذه المرة- على نجاح المقاومة وانتصار القضية، وأن الصهاينة ومؤيديهم باؤوا بالخيبة والفشل.

 

فالفوز يقاس بتحقيق الأهداف وثبات المبادئ، وأهل غزة ومناضلوها قدر لهم النزال في أشرف وأطهر ساحات الجهاد: يدافعون مستعمرا كافرا غاشما ويذودون عن أرضٍ وكرامةٍ وأقصى، فهم بين شهيدٍ يقدم على ربه وعلى دارٍ خيرٍ من داره، وبين مجاهدٍ ومرابطٍٍ موعودٍ بالنصر من ملكٍ قادرٍ لا يخلف وعده.

 

وإن كنا قد أعتدنا عقودًا -لضعفنا وذلتنا- ألا ضحايا إلا في صفوفنا ولا حسرة إلا في قلوبنا ولا مواجع إلا في ديارنا! فإن غزة الجريحة الجائعة هوت بكفها الشريفة هذه الجولة وصفعت العدو، فرأيناهم وقد ضرب الفقد والرعب والخوف قلوبهم، ودخل الموت والعزاء بيوتهم.

 

شهدنا لأعوام مؤامرة عالمية دنيئة وخذلان عربي أبقى غزة تحت الحصار والنار فمن لم يمت قتلا مات مرضا وجوعا، لا منافذ ولا رحلات ولا اقتصاد ولا حياة! هذا هو الواقع المفروض عليهم، ولكن الجديد هذه المرة أن غزة العزة قررت أن تسقيهم من ذات الكأس والقادم أمر وأنكى بحول الله: فقتلت جنودهم وأربكت خططهم وأضرت باقتصادهم وعطلت مطاراتهم ورحلاتهم وعلقت الكثير من صفقاتهم للأسلحة والاستثمار والسياحة، غزة المجاهدة أدخلتهم الملاجئ وأجبرتهم على الهجرة العكسية وأفقدتهم التعاطف الدولي وحالت دون تحقيق أهدافهم فالصواريخ لم تتوقف وحفر الأنفاق مستمر.

 

أمام صمودها وإرادتها وتضحياتها تهاوت الدسائس والمؤامرات، وتحطمت نظريات ومعايير القوى العسكرية وترسانة الطيران والألوية والميركافا، حركت غزة العالم وأعادت قضية فلسطين إلى الواجهة فانطلقت شرارة المظاهرات من عمق أوروبا وأميركا وتعالت أصوات التنديد بالعدوان وتضاعفت الضغوط السياسية والإعلامية عليه وظهرت مبادرات عملية لجمع التبرعات لغزة وتقديم المساعدات وكسر الحصار وإعادة البناء ومقاطعة المحتل.

 

فيا أصحاب خطاب التصهين: سحقًا لجهلكم وأرواحكم الخانعة المهزومة التي لا تعرف حسابات الشرف والكرامة والتعامل مع الله وأمره ووعده، تتمسحون بالإنسانية وتتهمون المقاومة بالتسبب بقتل الأطفال وما غضبتم قط على الصهاينة وحلفائهم الذين أشعلوا الحرب والظلم عقودًا باغتصاب الأرض وتدنيس المقدسات والقتل والتهجير والاعتقالات، تجعجعون حول الحريات والوطنية وحين ناضل الأبطال من أجل حريتهم وتحرير وطنهم وثاروا على القيود والبؤس كنتم أول من هاجمهم وطالب بقتلهم فسقطت شعاراتكم الزائفة واتضح أنكم لا تفهمون من الحريات إلا ما تعلق ب "العري والفسوق والمنكر"!

 

كيف تريدون من مسلم احتل اليهود أرضه أن يستسلم؟ كيف تزعمون دعم حق فلسطين وأنتم تهاجمون خط الدفاع والمقاومة فيها؟ كيف يستقيم أن تحب الأقصى ثم تداهن وتسالم من سرقه منك؟ تتهمون حماس بالإرهاب وما رأيناها قتلت إلا جنود الصهاينة البغاة فيما عجزتم عن وصف "إسرائيل" وأميركا بالإرهاب على ما أزهقوا من أرواح الأبرياء؟

 

يضحي قادة حماس ورجالها بأنفسهم فتدينونهم بالمتاجرة بدم غزة فيا لحماقتكم! من حماس ومن غزة؟! إنما هما نفس واحدة في جسد فلسطين، نساء غزة وأهلها هم من أنجبوا وربوا ودفعوا بخيرة أبنائهم لصفوف المقاومة والجهاد في حماس! ترون أن صواريخهم ورقية طائشة إذن فهاتوا جيوشكم وأرونا قواتكم!

 

تمنعون عنهم العون والسلاح ثم تثربوا عليهم استعانتهم بسلاح -ما ساوموا وما تنازلوا معه عن معتقد أو مبدأ- من إيران أو أي كان، وكأن أسلحة العرب وتدريبهم صناعة أيديهم وليس هو أيضا نتاج الصفقات مع دول الديكتاتورية والإرهاب أميركا وغيرها!!
ختاماً: فإن غزة المرابطة أهدتنا درسًا: ألا نصر إلا بالله ولا عزة إلا بجهاد، فتعلموا أيها الأحبة، وتأدبوا أيها الصغار!

 

[email protected]
@ReemAlatef