22 ذو الحجه 1435

السؤال

ابنتي عمرها 6 سنوات وجدْتها تقوم بأفعال شاذة مع أختها – 5 سنوات – كأنها امرأة شاذة – كانت صدمة لي، نحن في بيت محافظ لكن ابنتي هذه قبل سنة كانت دائما تعبث بمنطقتها الحساسة!! حاولت أن أشغلها – والحمد لله – لكن الآن عادت مرة أخرى، وأنا خائفة عليها ومنها، ولا أدري ماذا أفعل؟! أحس أني تائهة.. ساعدوني كيف أتعامل معها؟ كلمتها بهدوء وحاولت أعرف منها إن كان هناك أحد عمل لها هذا العمل أو رأت مثل ذلك؟ كل ردودها لا أو تبكي.. نصحتها لكن للأسف للآن أحس أني بعالم آخر من الصدمة!! ساعدوني.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أختنا الكريمة نشكر لك ثقتك بإخوانك في موقع المسلم ونسأل الله سبحانه أن يجلي عنك هذه الغمة الشديدة وأن يكشف عنك وعن ابنتنا الصغيرة هذا الكرب.
وبعد: أختنا الفاضلة.
يجب عند مناقشتنا لهذا الأمر الذي أعتبره أمراً خطيراً، يجب علينا أن نتحلى بالهدوء في معالجته، فلن يتم لا بالعنف ولا بالشدة، وأحب أن أوضح كلماتي في نقاط:
- الابنة الصغيرة ذات الست سنوات ليس لديها شذوذ إن شاء الله، فالطفل الصغير في هذه السن لم تتكون لديه بعد الأحاسيس التي يحسها الكبار تجاه الجنس الآخر ولا تجاه نفس الجنس، وكل ما هي فيه هو انحراف في كيفية التعبير عن الحب لأختها الصغيرة، وليس لديها العقل الناضج الذي يفرق لها بين الصحيح والخطأ والمنكر من الأفعال، وهذا هو دور التربية.
- الانحراف في التعبير عن الحب شيء يمكن تعديله، ويجب عليك المضي فيه سريعا وعدم إهماله ولكن برؤية صحيحة للمشكلة وتصرف هادئ للتخلص منها، فلا تعتبري أن هذه المشكلة بلا حل بل ستقومين بحلها بإذن الله بهذا الحرص الذي كتبت به.
- الطفل الصغير – ذكرا كان أو أنثى – يريد أن يعبر عن حبه لإخوته بأية وسيلة ولكن المشكلة تكمن بالفعل إذا رأى الطفل هذا المشهد سواء حقيقة أو في صورة أو فيديو، ولكني أستبعد أن يكون حدث معها فعل مشابه لعدم تكون الأحاسيس عندها والربط المباشر بين هذا السلوك واللذة الجنسية عند الطفل في هذه السن، فربما شاهدت الكبار أو غيرهما في موقف مشابه، وربما شاهدت على الإنترنت صورة أو لقطة مصورة تحمل نفس المعنى فترسخ عندها أن هذا الشكل هو التعبير عن الحب في صورة عملية، وبالتأكيد قد شاهدت لأنه من المستحيل أن تكتسب هذا السلوك بذاتها للتعبير عن حبها لأختها.
- أريدك أن تطمئني بعض الشيء، فلا يولد إنسان وهو يحمل جينات الشذوذ في داخله، فقد قال الله سبحانه، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} فالفطرة التي خلق الله الناس عليها ليس فيها الشذوذ، وبالتالي الشذوذ فعل مكتسب كان له أسباب في اكتسابه وأهمل علاجه حتى تفشى في سلوك الإنسان، وبالتالي فلابد أن تبدئي تصرفاتك معها من هذه القناعة، إنها لم تولد لتكون شاذة في تصرفاتها، بل سيتم تعديل هذا الانحراف بصبرك وجهدك بعد فضل الله عز وجل ومنته.
- وتكملة للسمات العمرية للابنة الصغيرة في هذه السن أنها لم يتكون لديها العقل الواعي المستوعب للمناقشة العقلية، بل يمكن التعامل معها على ضوء مقدار عقلها وتفكيرها، فلا تتعاملي معها على أنها فتاة ناضجة عاقلة وواعية وتناقشيها بالحجة والبرهان، بل بالاستيعاب الكامل لها ورغبتك الكاملة في تخليصها مما هي فيه.
- والأمر الذي يؤكد أنها شاهدت مثل هذا الشيء والذي يجب أن تنتبهي له وتبحثي عنه هو عبثها قبل سنة بمواضع عفتها، وهذا السلوك يدل على أنها كونت هذا الشعور من الرؤية المباشرة أو عبر الوسائط، فلا وقت حاليا للوم ولكن للتعديل وللسرعة في تنفيذه.
- وأرى أن تبدئي بالاقتراب منها بشكل كامل وأن تزيدي اقترابك منها حتى أكثر من قبل معرفتك بالمشكلة، فما المشكلة إلا تعبير عن الحاجة للاحتواء ومن القرب وهذا دورك الكبير بالإضافة إلى أدوار أخرى لآخرين سأتحدث عنها، فعليك باحتضانها ماديا ومعنويا، احتضنيها لتظهري لها حبك بالصورة الطبيعية لكي تأخذ المثال في التعبير عن الحب، وقبليها من جبينها لا من فمها لتعرف أن هذا هو التصرف الطبيعي لهذا التعبير، لكي يترسخ عندها أن الصورة الطبيعية التي يجب أن يكون عليها التعبير هي هذه الصورة فقط وليس غيرها.
- كما أرى أن تندمجي معها بصورة أكبر من ذي قبل فتبحثي عن هواياتها التي تحبها، كما عليك أن تهتمي بدراستها وكل ما يخصها، وأرى أن تتعمدي إقامة الحفلات من شأنها بين قريباتها وصديقاتها لتكون نجمة الحفل، وتثني فيه على تصرفاتها، حتى إذا اعتادت على هذا الشعور كلميها مرة حاسمة، بأن كل من يحبها يمكن أن يحزن ويغضب إذا علم بهذا الشكل من التعبير عن الحب، وحينها ستخشى أن تفقد هذا الظهور وهذا التميز.
- اشغليها كثيراً بهواياتها، وتفقدي معها تقدمها في تلك الهوايات، وحاولي توفير الأدوات التي تلزمها لإتمام هواياتها، فكل انشغال ذهني عن هذا الفعل سيكون له عواقبه الحسنة، والفراغ يسبب الكثير من المشكلات السلوكية، وحاولي إبعادها عن أي وسيلة ترى فيها هذه الممارسات الشاذة، وحاولي متابعة كل التفاصيل، وبالصبر ستصلين بإذن الله للسبب المباشر وستمنعينه.
- وعليك المتابعة بدقة لتصرفاتها مع أختها، لتعلمي تكرار هذا الحدث أم انتهائه، فإن انتهى فلا تعيدي فتحه وانسيه تماما كأن لم يكن، فلا تظهريه في غضبك منها تحت أي ظرف حتى لا يكون رد فعلها انتقاميا من نفسها ومنك بتكراره تعمداً.
- قرأت رسالتك عدة مرات ولم ألمح فيها وجود الأب أو غيره من الرجال المحارم، فأين دورهم؟؟، فعليهم دور كبير في تخليصها من ذلك، فالأب بكل تأكيد له الدور الأكبر مشاركاً معك في احتضان ابنته واحتوائها وملاعبتها ومضاحكتها، فالبنت لا تميل إلى بنت إلا إذا افتقدت بالفعل دور الأب في حياتها، فقد يكون الغياب أو الانشغال أو التشاغل عن الأبناء سبباً هاماً في انحرافهم أو في شذوذهم الحقيقي.
- وقبل كل شيء عليك بالاستعانة بالله وبصدقة السر وبكثرة الدعاء وطلب دعاء الصالحين، وعليك بتعويد طفلتك على أداء العبادات، ولكن حين تتحدثين معها عن أن هذا الفعل يغضب الله تحدثي عن حبها لله وعن حب الله لها، وأن هذا الفعل لا يحبه الله ولا يرضاه دون أن تلحي بأن هذا الفعل يؤدي إلى النار والهلاك وغير ذلك من العبارات المفزعة التي ستفقد قيمتها بكثرة تردادها.
- حزنت لعدم تحدثك عن ابنتك الصغرى ذات الخمس سنوات لأنها ضحية أخرى ينبغي الاهتمام بها، فاجعلي علاجك السلوكي لهما معا مع التركيز على الكبرى ولكن بدون ترك الاهتمام بالصغرى خشية أن ترى الصغرى أن هذا الفعل جالب للاهتمام فيترسخ لديها قناعة وحب أن تفعله لاجتذاب مودتك واهتمامك، فتوازني مع البنتين.
وفقك الله أختنا الفاضلة وأسأل الله سبحانه أن يفرج كربك وأن يرفع قدرك وقدر أبنائك وبناتك وأن يوفقك لكل ما يحب ويرضى.