الهجرة الى الخارج... بين سنديان الضياع ومطرقة فقدان الهوية
19 رجب 1432
عايدة فرج اسليم

اهداء الى كل من يحلم بالحصول على جواز سفر غربي

الهجرة!! كلمة يحلم بها كثير من شباب وفتيات غزة .. يفكرون بالهجرة ظنا منهم انهم في اوروبا او امريكا او كندا أو اي كان ذلك البلد الاوروبي سيجدون جنة الله في ارضه وهم لا يعلمون أي جحيم ينتظرهم هنا في هذه البلدان الغربية.

 

 
أسالت يوما شجرة اقتلعت من جذورها وزرعت في أرض غير أرضها .أسألتها ماذا تشعر ؟ ان ردت عليك فستعلم كيف يشعر الانسان المسلم في بلاد الغرب.
 
أنا مسلمة وأرتدي الحجاب وأحس انني في كل يوم ادفع ضريبة حجابي وضريبة ايماني، هم يعاملوننا كمتخلفين .. يبتسمون لنا بتكلف.. يفرحون عندما نتنصل من ديننا ..

 

 
بالأمس القريب تحدثت الي امرأة منهم فقالت وياليتها ما قالت: محظوظون انتم لأنكم في اوروبا وبالأخص النرويج .
 
وعندما سألتها لم أجابت لان هنا التقدم وبلادكم التخلف والحروب .

 

 
فأجبتها وهامتي في السماء: انا أحب بلدي فلسطين . فيكفيها حضارة أهلها في عقيدتهم وفي ادميتهم فنحن الأرقى . أنتم هنا عبيد للعمل والنقود ونحن هناك أحرار. وان كان على الحرب , فمن ذا الذي أعان اسرائيل لتحتل أرضنا ؟ أليست النرويج من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل عام 1949 ؟ ان كنتم نسيتم التاريخ فنحن لن ننسى لأننا كل يوم نكتبه بدمائنا ومع ذلك فنحن سعداء !! على الأقل لا ننتحر لأننا نؤمن أن الانتحار حرام!
 
لقد ظنت تلك المرأة انني مختلة عقليا لأن هذا منطقي! وسيأتي يوم وستفهم أن منطقي هو المنطق بعينه!!

 

 
فيك يا غزة الابية .. في شوارعك أمشي بحجابي بكل شموخ , لست خائفة من أن ينظر الي بازدراء بسبب حجابي,, الجميع يحترمني , وأما هنا في النرويج أكافح لأثبت أن داخل هذا الحجاب بشر تفكر وتعي وتستحق الاحترام, أكافح من أجل أن أكون مسلمة بحد الكفاف, كل يوم أعيشه هنا أحس أنه يأخذ من ديني ..

 

 

حتى الطعام عندما اريد تناوله لابد أن أسأل اذا كان لحم خنزير أم لا، وهم يضحكون ويقولون لماذا لا تأكلون الخنزير؟ نعلم انه بسبب انه كان يأكل القاذورات في عصر محمد ولكن الان الخنازير لا تأكل القاذورات وعصر محمد قد مضى..

هم يدعون احترام حقوق الانسان وهم كاذبون, فان كانوا فعلا يحترمون حقوق الانسان فمن حقي أن اكون مسلمة في كل تصرفاتي ومن حقي ان يحترموا حقي كإنسانة اختارت ان تكون مسلمة
 
في قوانينهم !! نعم لحرية الاديان !!ولكن في الواقع : لا لحرية الاديان
 
لماذا اذن يفكر الشباب في الهجرة؟

 

 

ما الفرق أن تعيش في غزة أو أن تعيش في أوروبا ؟
 
الفرق: هو أنك في غزة حر ... نعم حر .. وفي أوروبا تفتقد الحرية .. هل فهمني أحد ؟؟ في غزة أنا مسلمة حرة وانت مسلم حر , اما هنا فأنت لست حرا وانا لست حرة!

أنا استغرب كيف نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟؟

 

 
في غزة تجد نفسك وهويتك , أما في أوروبا فتفقد هويتك وفي كل يوم تتغير الى الأسوأ دون أن تدري!!! وتلك المصيبة.
 
في غزة الحب والحنان والأسرة ولمة رمضان , وفي أوروبا الوحدة والتعاسة والجفاء !!
 
في غزة طعام أمك وهنا تشتهيه ! في غزة الشمس المشرقة وهنا يحتفلون ان طلعت الشمس ويتركون اعمالهم ليستغلوها قبل أن تذهب تلك الشمس!
 

 

ستة أشهر من العام يتناولون حبوبا للاكتئاب بسبب الثلج الذي يغطيهم من نوفمبر الى اواخر ابريل أو أوائل مايو من كل عام!!
 

 

خدعوك فقالوا: بحصولك على الجنسية لابنك ضمان له ليتعلم في الجامعة مجانا!!
 
وأنا أقول لك : كذبوا !! لان الحقيقة أنه عندما يبلغ ابنك 18 عاما لابد ان يحصل على قرض للتعليم الجامعي بنظام الفائدة وبعد تخرجه يجب ان يسدد القرض للحكومة وان لم يفعل في وقت محدد تتراكم عليه الديون وفوائدها لدرجة انه يصبح ليس من حقه ان تفتح له حسابا في البنك معاقبة له على عدم سداد الدين للحكومة!!

 

 
المأساة الاكبر لجيل انت تنجبه هنا!!! تعلم ابنك في البيت أن المسيح كلمة الله اوحاها الى مريم عليها السلام وفي المدرسة والشارع يعلمونه أن المسيح ابن الله , والطفل يعاني من انفصام في الفهم ويكون غير سوي في ذاته ولا يدري لأي ثقافة ينتمي فيضيع في نفسه ولا تستطيع مساعدته, فأنت الذي جنى عليه!!! ستقول أيها المهاجر: أريد تامين مستقبل أبنائي وتعليمهم بالحصول على جواز سفر غربي!! وأنا أقول لك : ألا تثق بالله؟ ألا تتوكل على الله؟ فالذي خلقهم يرزقهم! وما ادراك؟ ألا يمكن أن تنهار أوروبا وأمريكا قبل ان يكبر اولادك وحينها ستكون قد خسرت الكثير الكثير! وصدقني هذا اصبح قريبا جدا!
 
وصدقني الى ان تحصل على ذلك الجواز ستكون خسرت الكثير مما تحمل من مبادئ وقيم!!
 

 

نقطة مهمة لابد ان تعرفها أيها الشاب الذي يريد ان يهاجر, هذه النقطة تمس رجولتك وهي كالتالي: هنا في الغرب كل شيء من حق المرأة ولا يستطيع الرجل ان يقول لها ثلث الثلاثة كم؟؟ صدقوني كثير من الحالات اتت من غزة والرجل هنا يتصرف كأنه المرأة في البيت والعكس صحيح . هذه هي ثقافتهم! يعطون حرية للمرأة لدرجة أنها افترت وأصبحت لا كابح لها .. وأسهل شيء عند المرأة اذا عارضها الرجل هي ان تتصل بالبوليس !! لا تستغرب انا لا أتكلم عن نساء غربيات أنا اتكلم عن نساء عربيات من قطاع غزة!!!
 
اود أن أسالك سؤالا واحدا: لماذا تعتقد ان هذه الدول تستقبل الفلسطينيين مع انها هي التي ساهمت في بيع وطنهم لليهود؟؟ ألا تحس أنها مؤامرة صهيونية لترحيل ما بقى من الفلسطينيين في الضفة والقطاع؟؟
 

 

الله تعالى امرنا بالهجرة لنفر بديننا, لا لنفر من ديننا, لنحافظ على ايماننا لا لنضيعه!!!
 
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"، وهذه الاشياء ستجدها في غزة!

 

 

كلمة أخيرة أقولها الى كل شاب وفتاة فلسطينية في قطاع غزة فكر او يفكر في الهجرة اقول:

افرح لأنك في غزة.. ابتسم لأنك كل يوم تقبل يدي امك وتسمع دعاءها لك ،السعادة والرضا هناك في غزة.. الايمان الحقيقي في غزة، الاجر والثبات والاستشهاد في غزة ، اذا وصلت معبر رفح وأعطيت ظهرك الى غزة مهاجرا منها, ارجوك التفت لحظة اليها واستمع اليها ستنظر اليك غزة ولسان حالها يقول: محال أن ترى صدرا أحن عليك من صدري... محال أن ترى صدرا أحن عليك من صدري

 

المصدر/ الرسالة.نت