غوائل الظلم
17 ربيع الثاني 1432
د. عبدالعزيز العبداللطيف

لابد من تقرير العدل كما جاء في نصوص الوحيين , والتحذير من الظلم بشتى صوره وأنواعه , من شرك بالله تعالى , وظلم العباد والتعدي عليهم , وسائر الذنوب , ووجوب أداء الأمانات إلى أهلها , و أن الظلم مرتعه وخيم, ومجانبة لفظ " الحريات " أو المطالبة بها على سبيل الإطلاق , فإن في ذلك من الإبهام والإيهام والإجمال واللبس ما يقتضي العدول عنه ,  والتعبير بالمصطلحات الشرعية المحكمة .

 

 ولما أورد ابن الأثير طرفاً من أخبار الظَلَمَة , قال : " وإنما ذكرنا هذا ليعلم الظلمة أن أخبارهم الشنيعة تُنقل و تبقى على وجه الأرض , وفي الكتب , ليذكروا بها ويدفعوا ويعابوا , ذلك لهم خزي في الدنيا و أمرهم إلى الله لعلّهم أن يتركوا الظلم لهذا إن لم يتركوه لله.." . ( البداية لابن كثير 11/202 )

 

ولابد من مجافاة الظَلَمة ومنابذة خدمتهم ومعاونتهم.. و كما قال ابن الجوزي : " طال تعجبي من مؤمن بالله عز وجل مؤمن بجزائه , يؤثر خدمة السلطان مع ما يرى منه من الجور الظاهر , فوا عجباً ما الذي يعجبه ؟ إن كان الذي يعجبه دنيوياً فليس ثم إلا أن يصاح بين يديه.. و أن يتصدّر في المجالس ويلوي عنقه كبراً على النظراء , ويأخذ السحت وهو يعلم من أين حصل..

 

ثم يقابل هذا أن يصادر ويعزل , فتستخرج منه تلك المرارة كلَ حلاوة كانت في الوِلاية , ثم تنطلق الألسنة المادحة بالذم .
ثم لو سلم من هذا فإنه لا يسلم من الرقيب له والحذر منه , فهو كراكب البحر إن سلم بدنه من الغرق لم يسلم قلبه من الخوف " . صيد الخاطر صـ319 = بتصرف يسير .

ثم ليعلم الظلمة وأعوانهم أن سهام الليل لا تخطئي , ولما قُتل البرامكة وزال سلطانهم , وسلبت أموالهم , وأودعوا السجون.. قال يحيى البرمكي لابنه جعفر : " يا بني دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها " ( المنتظم لابن الجوزي 9/192 ) .