يأبى أن يكون وزيراً !
28 صفر 1432
د. عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف

     تمنّى أحد المنتكسين أن يكون قرداً يسافح قردة على سفوح جبال عسير !
ومادام أن هذا المخذول وأضرابه لا يتجاوزون عالم القرود , فنحن نأمل أن يرجم من كان زانياً محصناً كما رجمت القرود قردة زانية - كما ثبت في الحديث الصحيح - .

 

     وإذا هبطنا من سفوح عسير إلى أودية جدة , والتي توالى عليها الغرق في عامين متواليين , وأعقب ذلك ذهاب الأنفس وإتلاف الممتلكات وتعطل مصالح الناس وحوائجهم .. فإن هذا برهان ساطع أوضح من الشمس في رابعة النهار على ضياع الأمانة وفقدان القوة , فالأمين الحالي لا من الله يتقي ولا من الناس يستحي ..

 

     ثم إن هذه " الأمانة " أضحت من ألفاظ الأضداد فتطلق على الخيانة و ضدها ! وزاد الأمر تهكماً وتندراً أن جعل بعضهم هذه الأمانة سبيلاً إلى الظفر بالوزارة ! كما جرب و رؤي .. فالأمين السابق صار و زيراً عقب تعثر أمانته بجدة , ثم أستحوذ عليه الحمق والتغريب - زمن وزارته - , و تحرى الاحتجاب عن الناس ..

 

     و هذه التصرفات تستدعي النفرة والانقباض من أرباب تلك الوزارات . وقد وقع في القديم قريب من ذلك كما سطّر ابن الجوزي في تاريخه في حوادث سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة بعد الهجرة إذ تقلد الوزارة من كان في غاية سقوط المرؤة والرقاعة - كما نقله ابن الجوزي - حتى أن بعضهم شاهد قرداً معلماً يقول له القرّاد : أتحبّ أن تكون بزازاً . فيقول نعم , ويومئ برأسه , فيقول : تشتهي أن تكون عطاراً ؟ فيومئ برأسه نعم . إلى أن يقول : أتشتهي أن تكون وزيراً ؟ فيومئ برأسه لا . فيضحك الناس ( المنتظم 13/243 )
وهنا تكمن المفارقة : فآدمي يتمنى أن يكون قرداً مسافحاً , وقردٌ يأبى أن يكون وزيراً مقلداً .