23 رمضان 1430

السؤال

صداقاتي مع الناس لا تدوم طويلاً؛ بالرغم من أني متسامح جداً وخدوم وأحل مشاكلهم.
لماذا لا تنجح صداقاتي.. هل بسبب الغيرة أو الحسد أم أن الناس لا تحب إلا الشخص ذا الشخصية القوية جداً؟!

أجاب عنها:
د. محمد العتيق

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله
مرحبا بك أخي الفاضل في موقع المسلم ونشكر لك تواصلك وثقتك بالقائمين عليه.
أعلم ما تتحدث عنه وأدرك ما تشعر به.
يشكو البعض من الشباب وخاصة في مطلع حياتهم ومقتبل أعمارهم من صعوبة في تكوين الصداقات ومن ثم يشعرون بالوحدة وربما يتعاظم الشعور فيهم إلى أن يظنوا أنهم منبوذون لا يرغب فيهم أحد!
إن تلك الشكوى مردها لعدة أسباب.وتلك الأسباب تتعلق بأي من طرفي العلاقة أو إلى الطريقة التي يراد من خلالها تكوين العلاقة.
نحاول هنا أن نعرض بعض التوصيات والتوجيهات التي تفيد إن شاء الله في التغلب على المشكلة ولكن قبل ذلك لابد من التذكير بأن يكون مسعى الشاب وهدفه في تكوين علاقات الأخوة والصداقة هو السعي في مرضاة الرحمن والتعاون على طريق الإيمان والتواصي بالحق والصبر عليه.
وكل صداقة تخالف ذلك منتهاها إلى الحسرة والندامة، واقرأ إن شئت قوله تعالى: ( الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
ولا يعني ذلك أن تكون أعمال الأصدقاء بعضهم مع بعض كلها عبادات محضة وتَعَلَّمٌ وحياة جادة قاسية، بل هناك الأُنْس والمرح والفرح والمشاعر الأخوية وكل ذلك يبقى في إطار جميل من طاعة الله تعالى والانتهاء عن نواهيه.
و إليك أخي بعض النصائح:
• كن كما أنت. لا تحاول أن تغير من طبيعة نفسك أو شخصيتك فتقع في التكلف الممقوت. الناس يدركون بسهولة مثل هذه الأمور ولا يعني هذا أن لا تطور نفسك أو أن لا تسعى إلى المزيد من المهارات والقدرات.. عبّر عن نفسك وطبيعتك وآرائك دون خوف ولا تردد.
• كن متفائلاً دائماً. وتذكر أن في هذه الحياة دوماً ما يستحق الفرح والاهتمام وأن هناك دائماً قادماً جديداً يحمل كل خير وبركة. فالشخص الذي تفوح منه رائحة التفاؤل يُقْبِل الناس عليه ويلتفّون من حوله.
• كن مرحاً. احرص على أن يختلط كلامك ببعض النكت والطرائف البريئة غير المتكلفة التي تنشر البهجة فيمن يستمع إليك. ولا تُكثر من ذلك فتقع في المحظور. هناك دوماً أمور جادة لا يسعك إلا أن تكون جاداً معها.
• ابتسم قدر ما تستطيع. الابتسامة، على قدر بساطتها، تفعل فعل السحر فيمن تقابله وتتحدث إليه وتجعلك قريباً منه محبوباً إلى قلبه.
• أشرك الآخرين فيما تراه مهماً ومثيراً. فحديثك في موضوع ما قد يفتح لك أبواباً من العلاقات الأخوية لم تكن تتوقعها.
• استمع أكثر مما تتكلم. الآخرون يحبون من يستمع إليهم وينصت لحديثهم ويُظْهِر الاهتمام بما يقولونه. حتى لو رأيت أن ما يقوله الآخرون سخيف أو مكرر أو غير مهم لك، فاحرص على أن تظهر الاهتمام به والإنصات له.
• لا تكن غامضاً عند الحديث عن حياتك. أطلع الآخرين على مشاريعك الصغيرة واهتماماتك الخاصة وبعضٍ من تاريخك.
• في كل مرة أظهر الاهتمام بواحد ممن تلقاهم في عملك أو دراستك بالسلام عليه والجلوس إليه والحديث معه منفرداً. دعه يشعر أنك تهتم به بشكل خاص.
• لا تتوقع المثالية فيمن تلقاهم. السلوكيات والأحاديث والتصرفات والمواقف التي تراها تحدث أمامك ممن تلقاهم من الزملاء والأصدقاء سوف يشوبها كثير من الخطأ والتقصير وربما التحدي. كن صبوراً ولا تشعر بالأسى أو التبرم أو التذمر. اعقد العزم على معالجة ما تراه من خطأ ولكن بطريقة متدرجة وبطيئة ولبقة.
• سامح نفسك في ما يصدر منك من أخطاء. مثلا إذا نسيت اسم محدثك من أصدقائك القدامى مثلاً فعالج الموقف بطريقة طريفة ومرحة مثل أن تقول: (عفوا على نسيان اسمك.. يبدو أني أصبت بالخرف مبكرا!).
• أظهر التقدير والاحترام للكبار واحرص على الحديث معهم. الأكبر سناً عادة ما يكونون هم الأكثر تحملاً لأخطائك وهفواتك وسوف تتعلم منهم كيف تعبر عن نفسك وتدير الحديث بطريقة ذكية وناجحة.
• كن واثقاً من نفسك مقتنعاً بقدراتك ومهاراتك ولا تبخس نفسك حقها أو تقلل من شأنها.
• كن مخلصاً لمن حولك. الالتزام بالمواعيد والصدق في التعامل والإيثار والتواضع واحترام الآخرين والعطف عليهم ورحمتهم ومساعدتهم عند الحاجة وعدم الغيبة أو النميمة هي مفاتيح لصداقات خالصة وعميقة.
• أظهر الاهتمام بالآخرين وامدحهم وأظهر الإعجاب بما يفعلونه إن كان فعلهم حسناً، وكن صادقاً في ذلك.
• كن شجاعاً ثابت الأعصاب عند التعبير عن شخصيتك وآرائك. إذا رأيت من يتسرع في الحكم عليك أو يتهجم عليك فأظهر الحزم ولا تكن ضعيفاً أمامه، ودافع عن نفسك ولكن دون تجريح أو إساءة.
• كن صبوراً ولا تعجل واعلم أنك في النهاية سوف تنجح بحول الله وقوته.
• فكر بما ستقوله قبل أن تتلفظ به. العناية بالكلمات وطريقة التعبير عن الأفكار ستحفظ عليك علاقاتك حميمة دافئة وسيقدر الآخرون لك ذلك. ولا يعني هذا أن تكون متردداً أو خائفاً مما ستقوله وبخاصة مع الأشخاص الجدد في حياتك.
• ابحث عن الأشخاص الدين يشاركونك اهتماماتك أو تخصصك العلمي. ابحث عن القواسم المشتركة التي تكون وسيلة لعقد صداقات ناجحة مع من هم حولك.
• ابتعد عن إطلاق الأحكام المسبقة أو اتخاذ المواقف المتعجلة على الآخرين من خلال موقف أو تصرف أو ربما من خلال طريقة الحديث أو اللباس. كن عادلاً وتأنّ دائماً قبل أن تحدد موقفك ممن هم حولك. وإذا خالفت هذه الوصية فإنك سوف تخسر الكثير من أصحاب القلوب الطيبة والنيات الحسنة الذين هم في حقيقتهم أفضل مما يبدون لك.
• كن كريماً سخياً تبذل للآخرين من مالك وجهدك ووقتك ولكن ليس على حساب نفسك. ويجب أن تكون حكيماً عند تطبيق ذلك كي لا تكون عرضة للاستغلال مع الوقت.
• عند محاولتك بدء علاقة جديدة كن متدرجاً ولا تتسرع. تقدم في العلاقة بقدر ما تلقى من استجابة لدى الطرف الآخر.
• لا تنس أصدقاءك القدامى ولا تتنقل في الصداقات بين شخص وآخر فتقبل على الجديد وتهجر الأول. يمكنك أن تسع بصداقاتك أناساً كثيرين. سيكون لك بعض من الأصدقاء هم أقرب إليك من غيرهم ولكن لا يعني هذا أن تهجر من سواهم. ليكن هجرك لصديق أو زميل بسبب شرعي مقبول.
• تَحَفُّظُ الآخرين عند الحديث معهم وعدمُ إظهارهم الاهتمامَ الكافي بالحديث معك ربما يكون مرده إلى التخوف والحذر الطبيعي الذي يصدر عند بدء علاقة جديدة. تَفَهَّمْ ذلك منهم وحاول أن تُشعرهم بالأمان والمشاعر الأخوية الصادقة.
• كن متميزاً بمهارة أو قدرة أو خاصية إيجابية تميزك عن الآخرين. ليكن لديك ما تقدمه مما يبدو مثيراً في كل مرة تلقى فيها أصدقاءك.
• هناك علامات حمراء هي بمثابة إشارات إنذار وتحذير حين تراها في بعض من تلقاهم فعليك بإنهاء العلاقة معهم والكف عن اللقاء بهم. التفريط في الأمور الشرعية أو الوقوع في المخالفات الأخلاقية أو الاجتماعية هي أمثلة على ذلك.
• تجنب سلوكيات الاستعراض أو محاولة لفت النظر بأية طريقة. فذلك سيوقعك لا محالة في مزالق كثيرة ربما تخسر فيها الكثير.
• تجنب أن تكون دائماً أنت المركز أو المحور في ما تقوله من أحاديثك أو ما تأتي به من تصرفات فهذا يعد نوعاً من الأنانية.