اعذرونا يا اهل الغوطة!!
5 جمادى الثانية 1439
أحمد عجاج

نعم. نعم

إن صراخ اهالي الغوطة، وعويل النساء، وصمت العالم، وجبن المثقفين، وتخاذل اهل القيم والعدالة، وصمة عارٍ على جبين الانسانية جمعاء.

اي عار يلحق بنا كبشر ونحن نشاهد ذبحا أمام أعيننا، وقهرا، وتوحشا، ولا نعبأ ابدا بل نمضي نحتسي قهوتنا، وندخن نارجيلتنا!

 

 اي اجرام هذا لا يعدله إلا اجرام صمتنا!

 

لما لا نعترف ولو للحظة اننا لسنا من فصيلة البشر، ولما لا نقبل أننا اكثر توحشا من اعدائنا؛ إن السبب في كل هذا هو اننا مثل البغل الذي وضعت كمادات على عينيه، فلا يرى الا بقدر ما اراد واضعوها!

 

جريمة هؤلاء الضعفاء في سوريا انهم طالبوا بحريتهم! جريمتهم انهم ارادوا ان يعيشوا بكرامة، وعدالة! كان عقابهم التخوين اولا ثم السجن ثانيا؛ وعندما لم ينفعا بدأ القتل والذبح بإسم العروبة وتحت شعار مقاتلة اسرائيل، وبإسم الثورة الاسلامية!

العروبيون يصفقون والثوريون المتأيرنون يضغضون مع وحوش الروس على زناد بنادقهم، ويقذفون حمم النار من فوهات مدافعهم! لم ترتوِ ساديتهم بل زادوا سادية ورموا مدنيي سوريا بكل نار  حارقة، كيماوية قاتلة لا تبقي ولا تذر..

 

كل هذا والعالم المتحضر يتفرج!؟

في برلمان بريطانيا المتحضر لم تعقد جلسة واحدة ولو من قبيل العتب لسؤال حكومتهم عن موقفها من هذا الاجرام! لم يسألوا، ولم يدينوا؛ أليسوا هم اصحاب الماكناكارتا!  اول وثيقة، كما يزعمون لحقوق الانسان!

 

في فرنسا الماكرونية، فرنسا الجمهورية التي تدعي انها حملة الحرية والاخاء والمساواة، لا نرى الا جعجعة! يهدد ماكرون ويتوعد، وتهديداته مثل توعدات دنكيشوت! هو على ما يبدو لا يعنيه موت الالاف وتهجير الملايين.. هو مشغول بتدمير الحرية ولا يريد الا كما يقول الروائي الكونغي الفرنكوفوني المبدع ألآن مابنكو، الا التقاء بدكتاتوريين افارقة، ولا تعنيه قضية الحرية!

 

لا نبالغ إن قلنا أن قضية الحرية في عالم الغرب ليست في نظرهم حق للشرق؛ هم يرون، ومثقفوهم ومنظروهم قالوا وكتبوا، ان الشرق لا يستحق الا الاستبداد؛ لأنهم شعوب لا تعرف المدنية!

 

وصل الأمر حدا لا يعقل عندما نسمع رئيس امريكا ترامب يفاخر بدعسه حقوق الانسان طالما يخدم هذا الدعس مصالح بلاده ومصلحة بلاده، في نظره،  لا تعني الا فئة تاريخية من بلاده! ترامب ذاته يؤمن بتفوق العنصر الابيض! ويؤمن بتفوق الحضارة المسيحية ونقائها، ويتمنى لو انه يرمي كل السود والحمر واول هؤلاء المسلمين في المحيط الاطلسي! ويرتاح!

 

أما بوتين المتوحش فنعرفه ولا نتوقع منه اكثر مما نرى! لقد أسال اجداده دماءنا انهارا انهارا ، وقتل بلاشفته ملايين البشر، وبيده اباد الشيشان، وبيده يدمر كل شيء في سوريا ارضاء لساديته!

 

عتبنا ليس على هؤلاء، فنحن نعرفهم! بل على ما تسمى ثورة اسلامية شعارها تحرير الانسان، وتمهيد الارض لعودة المهدي ليحل السلام! اي سلام وهم يقودون الحرب، وهم يقتلون، ويدمرون، ويصرخون الله اكبر!

 

نفهم ان يفعل ذلك متطرفون مخالفون لشرائع الدين، لكن ان يفعله نظام يرفع شعارات الاسلام ويتملص في كل ثانية من موجبات هذا الاسلام! لنفترض ان اهل الغوطة اعداءكم، ويقفون في وجه مشروعكم، اليس من دينكم تطبيق شرع الله: اليس الله يأمركم ان لا تقتلوا الا المحارب! اليس الله ينهاكم عن تدمير الحجر، وقتل الانسان العاجز، والنساء الحوامل، والاطفال والعجائز!

 

اليس الاسلام يحضكم على اطعام الجائع! فما لكم تحرمونهم الطعام وتمنعونهم الشراب! تبا لكم فهذا ليس اسلامنا بل اسلامكم!

 

اما العرب المتفرجون فأنتم وربي في كل قطرة تسيل، وكل دمعة طفل تنزف، وكل صرخة ثكلى، وكل نواح عجوز، وعويل امرأة، وصرخة طفل، ملعونون..
تبا لإسلحتكم... وتبا لجيوشكم... فوالله كما قال الامام علي: لقد ملئتم قلوبنا قيحا!

 

لكم الله يا اهل الغوطة! لكم دعاء كل محب للحرية، ومعك يا غوطة وتاج العرب، كل قلبٍ فيه ذرة حب، وفيه مسحة شفقة؛ معكم كثيرون في الغرب والشرق؛ ومعكم ملائكة تسجل ما ينزل بكم من مصاب، ومعكم عين الله... والله لن يخذلكم.

 

اعذرونا يا اهلنا... فنحن جبناء.. ونحن تعساء...
 لا تظنوا اننا احرارا بل أرقاء فكرا وجسدا !
فماذا ترجون من العبيد!