أنت هنا

مشرف ـ بوتو ـ أمريكا.. حين تتفسخ الديمقراطية
27 رمضان 1428

ثلاثية مفزعة تجسد قواعد خيمة الديكتاتورية الباكستانية الراسخة في منظومة الحكم القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية وريثة العرش البريطاني، حيث الديمقراطية قشرة يابسة لثمرة خبيثة فاسدة، تلاقى عندها الإخراج الأمريكي الهوليودي مع التمثيل الباكستاني الذي تقاسم "بطولته" الثنائي الديكتاتوري العسكري برفيز مشرف، والليبرالي الزائف بنظير بوتو؛ فكانت "النتيجة العربية" لانتخابات باكستان الرئاسية التي بلغت حد الـ98% في أسوأ انتخابات تجري في ظل حكم أمريكي حتى النخاع، يجلي لحظة الحرية الأمريكية الواعدة التي سبقت ممثلة أمريكية بـ"التبشير" بها، حين أطلقت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مشروعها المسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد"، ورفدتها المسؤولة عن تجميل صورة أمريكا في العالم الديبلوماسية كارين هويز بجهدها الوافر من أجل كسب ما أطلق عليه أمريكيا اسم "معركة كسب القلوب والعقول".
وضع الجميع مساحيقهم وبدوا في أكلح صورة وأشأم مشهد وهم ينحرون حرية الشعب الباكستاني ويفرضون عليه الحل الأمريكي الديكتاتوري عبر انتخابات أريد لها أن تكرس وضعاً بائساً للتحالف الأمريكي ضد باكستان نفسها وإن أفضت جوائز الساسة الموالين للغرب، وعساكره إلى تقسيم البلاد وإلى جز رأسها على مذبح التفتيت والتشطير.
مضى الديكتاتور مشرف مسلحاً بتفويض أمريكي نحو الرئاسة دون اكتراث بالرفض الشعبي الهائل له، ولا بطعنه للدستور، ووقفت رئيسة الوزراء "الليبرالية" السابقة لتدلي بشهادة الزور ضد شعبها، معربة عن اتفاقها مع قائد الانقلاب الباكستاني في العام 1999 في كثير من سياسته وخلافها معه فقط في شيء واحد هو رغبته الأولى في الوقوف حائلاً دون رغبتها في العودة مجدداً إلى قصر رئاسة الحكومة ولو كره الباكستانيون..
لقد تقاطعت الطرق ولم تتعاكس الأهداف فكانت الصفقة وكانت "المباركة" الأمريكية، لتدخل باكستان نفقاً لا يعلم إلا الله متى تخرج منه.
كان على الجميع أن يحولوا دون وصول رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف إلى باكستان ومشاركته في صنع الحاضر الباكستاني، وهو الذي شهد عهده قدراً من احترام الذات الباكستانية والاستقلال النوعي عن الولايات المتحدة، وأبحر بباكستان بعيداً بعض الشيء عن الشاطئ الأمريكي باتجاه الوطن الباكستاني واستقلاله؛ فصار إلى خارج منظومة الحكم، ثم بعيداً حتى عن حلم المساهمة في حل أزمته ولو في صفوف المعارضة..
صمتت بوتو على تلك الجريمة التي ارتكبت بحق خلفها شريف، وتواءمت مع قناعاتها المزمنة عندما كانت دوماً على وئام مع قطاع من العسكر موالٍ للغرب ولو على حساب أمته وأحلامها.. وكان على مشرف أن يمنحها جزءاً من الكعكة.. وكانت الولايات المتحدة تمسك بيدها السكين!! فشهدنا انتخابات هزيلة منع عن خوضها الشرفاء، وسلمت مفاتيح الحكم مجدداً لديكتاتور ترضى عنه الولايات المتحدة.. ينسق معها في وزيرستان وأفغانستان وكشمير ويفرط في سيادة بلاده واستقلاله تحت ذريعة مناهضة الإرهاب، وكل ذلك من دون شك لأجل كرسى تصنع الولايات المتحدة أرجله وقاعدته.. ولا ضير أن يكون الحليف ديكتاتورياً أو حاكماً عسكرياً مستبداً، كل ذلك ليس مهما في عرف "حارسة الديمقراطية الأولى"!!