أنت هنا

اشترينا نصف بورصة لندن.. ماذا بعد؟!
14 رمضان 1428

الأنباء التي توالت خلال الأيام الماضية تفيد بأن كلا من دبي وقطر قد حازت نحو 52% من أسهم بورصة لندن أثارت جدلاً واسع النطاق في الأوساط المالية العالمية، وربما لم تثر الجدل ذاته في الأوساط العربية والإسلامية، لأنها ربما كانت متساوقة مع مناخ عام لا يتوقف كثيراً في مثل هذه الأنباء.
المعطيات الأولية أكدت أن هيئة قطر للاستثمار المالي نجحت في رفع "أسهمها في بورصة لندن للأوراق المالية إلى 24% من إجمالي البورصة لتقرب من الصفقة الأساسية التي كانت تسعى لشرائها وهي 28 % من أسهم البورصة بعد أن نجحت الجمعة في شراء 3 % من الأسهم".وذلك وفقاً لصحيفة الراية القطرية أمس، ويأتي هذا الإعلان بعيد إعلان بورصة دبي التوصل إلى اتفاق لتشتري من بورصة ناسداك الأميركية 28 % تقريبا من أسهم بورصة لندن.
(وهذا الشراء يخص أصول البورصة لا حجم تعاملاتها ويمكن المشترين من الحصول على نسب معينة من المضاربات التي تجري في البورصة على خلفية تأجير المكان ذاته، من دون المشاركة في أعمال البورصة عينها بشكل مباشر).
للوهلة الأولى، ربما أبهج هذا النبأ التواقين إلى أي ظهور عربي وإسلامي ولو كان في بورصات المال العالمية، ولعل للبعض عذراً في هذه السعادة فيما أسماء دولنا ومدننا الكبرى يتردد في أوساط المال والأعمال العالمية على هذا النحو المفاجئ.
وربما أعطيت لهذه الصفقات مبررات كثيرة كالحاجة إلى جني أرباح وفيرة ومضمونة إلى حد ما (مثلما صرح أحد المسؤولين العرب)، واستغلال عوائد فوائض النفط، والإفادة من تدفق مليارات الدولارات الناجمة عن تلك الزيادة المطردة في أسعار النفط، وربما كانت صورة من صور العولمة لدى بعض من الاقتصاديين العرب ممن يرون أن المال لا أرض له، بل يحكمه القدرة على استثماره أنى كانت، إلا أن آخرين بالتأكيد في الداخل العربي والإسلامي لن ينظروا لمثل هذه الصفقات بارتياح، ولا للانسحابات المتوالية للمستثمرين الأمريكيين من هذه البورصة وبعض البورصات الأوروبية الأخرى، كبورصة أو إم إكس بالسويد، والبعض قد لا يتفق مع مثل هذه الصفقات لأسباب شرعية.
لكننا وبسبب عدة هزات عرّضت بعض الاستثمارات العربية والإسلامية في الدول الغربية، نخشى أن تكون مثل هذه الاستثمارات يوماً ما أسيرة في يد دولٍ لم تكن يوماً فوق مستوى الشبهات، وطالما ابتزت دولاً في العالم باستثماراتها ومدخراتها المرهونة لديها..
ثم، ما الذي يعفي هذه الاستثمارات يوماً من ألاعيب أساطين الاقتصاد اليهود الذين فرغوا عدة بورصات إسلامية من مدخراتها آنفاً بأساليب احترافية ترتكن إلى خبرات تراكمية عميقة؟؟
أما كان أولى أن تكون أموالنا في بلاد إسلامية وعربية تتطلع إلى هذه الاستثمارات وأقل منها بكثير لتنهض؟!
ما ضرنا لو ظلت أموالنا بأيدينا وبأيدي المسلمين والعرب وإن لم تحقق من الأرباح ما تربحه في الخارج، ما دامت تنهض باقتصاديات دول مسلمة وعربية في نافع الاستثمار وأجداه وتتعامل مع الاقتصاد كسلاح استراتيجي فاعل في الداخل أكثر بكثير منه بالخارج، إذ إن الأمة تحتاج لاقتصاد يدعمها من خلال التنمية الداخلية والاستثمارات غير المسيسة، وفي مجالات قد تكون في نظر الاقتصاديين بل والمواطن العادي أجدى كثيراً على المدى البعيد..