أنت هنا

أوكلما جاء رمضان أساؤوا لنبي الله؟!
5 رمضان 1428

لكأن مشهد الإيمان وانسياب المسلمين في الطرقات إلى المساجد ووحدتهم في توجههم إلى البيت العتيق في صلواتهم يستجيش فيهم كل دوافع الأحقاد والضغائن؛ فيباشروا كل رمضان إساءة جديدة يقذفونها في وجوه المؤمنين..
إساءة تتلو إساءة، ووقاحة تأتي في أعقاب أخرى، والأهداف واحدة أو متعددة أحياناً، في قلبها إشغال المسلمين بمعارك دائمة، أو تعويدهم على سماع الإساءة لنبيهم وقرآنهم من دون أن يستفزهم ذلك، أو تنفيساً عن حقد يتملكهم كلما دخل الناس في أوروبا وأمريكا في دين الله أفواجاً، أو كلما نجحت المقاومة الباسلة الشريفة في لجم غرورهم وصلفهم متى أرادوا أن يعودوا بالعالم إلى عصر الحملات الصليبية الواضحة.
للقوم اليوم إساءة جديدة تتمثل في رسم صورة مفتراة للنبي صلى الله عليه وسلم على نحو شديد الوقاحة والتعدي والإجرام.. في السويد حيث يتمنطق الناس بمبادئ الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية، تلك المعاني التي خبرناها فوجدناها ملئت بذاءة كثيرة وإجراماً عتيداً، لاسيما حين يتعلق الأمر بنا نحن المسلمين؛ فإذا الحرية ليست واجبة إلا في سبنا وديننا ورسولنا، أغلى من نملك من قدوة في هذه الحياة فداه آباؤنا وأمهاتنا صلى الله عليه وسلم.
إنهم أساءوا، والإنصاف منهم لا يرتجى، والعدل منهم غير مأمول، وتلك حقيقة رسختها الأيام في تعاملنا مع الغرب على جانبي الأطلسي، إلا أننا لن نرجو نوالاً بباب نحس ـ كما قال الشافعي رحمه الله تعالى ـ، إذ متى كانت الإساءة من أهلها عجيبة، وإنما المؤسف أن تنجح فينا مخططات القوم؛ فإذا بنا نهرول إلى المساجد نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتلمس شفاعته بالقربات وبترديد الأذان، وهو عليه الصلاة والسلام يتعرض للإساءة من قبل ثلة من السويديين رسموه في صورة شائنة.. ونحن هنا نضحك، أو نتذكر نجاحاتنا في لجم الدنماركيين!!
من قريب كنا نجادل بعضنا في شأن الدنمارك عندما أساءت لنبي الله صلى الله عليه وسلم.. نقاطع أو لا نقاطع.. يذهب بعضنا إلى هناك أو لا يذهبون.. تذكرون، لقد عم الجدل وارتمت كرة النقاش عندنا وألقيت الاتهامات بيننا، بيد أن الحال اليوم مختلف، فلا هؤلاء ذهبوا ولا أولئك تظاهروا أو قاطعوا.. ومرت القضية برداً وسلاماً، وصار أمثلنا طريقة من يخاطب ربه "حسبنا الله ونعم الوكيل"، من دون أن يثني بفعل غاضب يثبت للأعادي أن في عروقنا دماءً، وفي أجسادنا حرارةً، وفي أكبادنا لوعة..
لله نحن، أما اعترتنا غصة ونحن نغدو إلى المساجد ونروح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أعظم من سار على الأرض ـ يتعرض لهذه البذاءات والوقاحات، ومئات الملايين من أتباعه يلوذون بالصمت..
أي خنوع يلفنا، وأي ثقلة تشل أقدامنا، وأي ضعف يسكننا؟!
من أي شيء نخاف؟ وعلام نخاف؟!
نصوم لله ثم نفطر، وقد ملأنا الموائد بأطايب الطعام.. نأكل.. نتلذذ.. يطيب لنا العيش والمقام.. وقائدنا صلى الله عليه وسلم تُرسم له الصور البذيئة ولا نحرك لذلك جفن أو تأخذ أجسادنا قشعريرة الندم؟! ثم نقوم فنصلي ونتلو في صلواتنا: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه "!!