أنت هنا

حريتنا التي نحب.. حريتكم التي نمقت
22 صفر 1428

مثلما كان متوقعاً فقد هبت أقلام تنتقد أي صوت دان هذا الهجوم الفكري المريب والشائن من خلال الكتب المبثوثة في معرض الكتاب بالرياض الذي انقضى منذ أيام.
وتحت طائلة اللافتة المعروفة باتت تجدد لنا دروسها في "حرية الرأي" و"حرية التعبير"، وأحياناً لأنها في دولة تنص دوماً على خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء؛ فربما زادت بأن حرية الفكر والرأي كانت على مر الزمان مكفولة داخل حدود الدولة الإسلامية، وأن أحداً لم يمنع وجود بعض هذه الكتب التي وصلت إلينا من سالف الأزمان في دول إسلامية عريقة، ولربما قالت: ما المانع في وجود الرأي الذي نخالفه ما دمنا قادرين على الرد عليه، وما دامت حجتنا قوية، فلماذا نهاب وجود مثل هذه الكتب، لاسيما وهي موجودة شئنا أم أبينا على مواقع الإنترنت، وفي بعض الدول حولنا، ويمكن دخولها بشكل شخصي مع أي مواطن أو أي زائر للمملكة وهم بحمد الله كثر.
"ألم نقل لكم أنكم ضعفاء الحجة، وإلا لما أزعجكم نشر مثل هذه الكتب؟!"..
في الحقيقة، إننا لسنا غرباء عن الحرية ولا هي بعيدة عنا منذ أن جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم بشريعة من الله ليضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا، تلكم الأغلال التي تجعل المرء يقدس وثناً أو شخصاً أو فكرة بشرية، فيحمل نفسه على عبودية زائدة خلاف تلك التي هو غير خارج عنها بالأساس وهي العبودية لله عز وجل.
وتلك الأخيرة، هي التي يشرف بها الإنسان ويجد فيها انفكاكاً من كل إسار يغل يده وقدمه وجوارحه جميعاً وقلبه عن الانطلاق في رحيب الفضاء ومساحات الإبداع كلها التي لا يحكمها من قوانين الأرض شيء، إلا نواميس السماء.



ومما زادني شرفاً وفخراً...  
وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي..
 
وأن صيرت أحمد لي نبياً


إننا من هنا نبشركم: نحن لا نهاب مثل هذه الترهات، والإسلام أغلى وحجته أدمغ، وأقوى بياناً، وحق الله أبلج، ونوره وسع السماوات والأرض، ونحن لا نخاف على الإسلام من هذه الكتب، بل نخشى على حدثاء الأسنان ومحدودي الفهم والوعي أن يجدونها تنشر بشكل مأذون ومسموح به فيظنوها من الحق المبين، ويظنون أنه لم يسمح بها إلا وهي صحيحة البنيان والأركان، وأننا في دولة ترفع دولة راية التوحيد لا يمكن أن نسمح بنشر من يقتلع أسس التوحيد من أركانها في العقول..
فقط نحن ندرك أن لدى الجماهير ثقة في أن منظمي المعارض لا يسمحون بأشياء تناقض الأسس التي قامت عليها الدولة..
ندرك كذلك أن لوناً من "الحرية" وحيد هو الذي نمقته، وسواه نرفعه لنا شعاراً لأن الإسلام به جاء، هذا اللون الذي هو في الواقع ليس حرية بل أركس ألوان العبودية وأوعرها طريقاً..
ونأسف كثيراً أن القوم لا يرون غيره في مساحات الحرية التي نسعى نحن إليها كذلك، نأسف أنهم إذ يتحدثون عن أن "الحرية" مفهوم لا يتجزأ، يجزئونه هم أنفسهم فيقبلون منه ما يرضي الغرب بكل ديكتاتوريته ووحشيته وتغوله على بلداننا الإسلامية، ويذرون ما نعشق من الحرية.. نأسف أنهم يريدون حرية انتقائية بما يرضي ساكن البيت الأبيض، وعداها يناصبونه العداء.. ألا ترون موقفهم الازدواجي من حرية الرأي حين تصب أو لا تصب في مصالحهم، ألستم تفتقدونهم دوماً في كل سبيل يريد تحرير سجناء الرأي أياً كان مشربهم في كل بلداننا العربية والإسلامية، ألا ترون كيف يحكمون قبضتهم على وسائل الإعلام فلا ينفذ منها صوت إسلامي إلا بما يسمح لهم بتجميل صورتهم وحسب، ألا ترون أنهم غير صادقين في مزاعمهم عن حرية الرأي حين يمارسون ديكتاتورية عمياء تبطش بكل من يخالفهم الرأي.. ألا ترون أنهم لو ملكوا زمام الأمر لمنعوا الكتب الإسلامية مثلما منعت في المغرب وتونس وغيرها..
ألا ترون أنهم غير صادقين في مزاعمهم عن الحرية وأنهم يتخذونها مطية لتحقيق مآرب من صنعوهم وألقوهم عبئاً على صالونات الثقافة وهم عليها عالة، وفي الانتساب إليها كاذبون؟!
إن حريتنا فضاء رحيب وحريتكم جحر ضب ضيق موحش، بقدر ظلامية ما تنشرون.
نحن حريتنا تسمح بكل ما لا يمس الدين والعقيدة الصحيحة، وهو كم هائل وهامش واسع كبير، وحريتكم تسمح فقط بما ترضى عنه عقولكم وأفكاركم المستوردة المتغيرة والمتحولة دوماً كما السلع الاستهلاكية، سرعان ما تتبدل وفقاً لما يرضاه الغرب.
وإذا كنتم لا تلقون بالاً لمسألة الدين والعقيدة هذه، فتعالوا نجادلكم بما تؤمنون أو هكذا تزعمون.. بمنطق "دافع الضرائب" الغربي، فهل يقبل هذا الشعب المسلم يا من تدافعون عن كل كتاب أو رواية تهزأ من الدين وتسخر منه أن يستقطع من ماله للتسويق لكتب تسب دينه وتهزأ بنبيه؟!
كونوا صرحاء واسألوا الشعوب التي تزعمون أنكم تدافعون عنها أيها الكتاب والصحفيون المدعون:" إننا نريد نشر كتب تسب ربكم بينكم لأننا نرى ذلك من أقدس أنواع الحرية وأهمها وهو أولوية الحرية عندنا، وبغيرها لا تكون حرية.. فهل تقبلون ذلك يا شعبنا المسلم؟!"
قولوها هكذا، ولا تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً...
خلكم من العلماء.. خلكم من المصلحين.. خلكم من الدعاة إذا كنتم تعتبرونهم "ثيوقراطيين"، هل يقبل شعبكم المسلم هذه الأشياء والتعديات، وهو ـ رعاه الله ـ الذي هب من قريب في كل منتدياته ونواديه يرفع شعاراً حين مُس نبيه بسوء: "إلا رسول الله"؟!