أنت هنا

الأقصى يئن.. والانفجارات في الجزائر ولبنان!!
28 محرم 1428

بانتظار ردة فعل لائقة بمقام المسجد الأقصى المبارك، بأي وجه من أوجه الاحتجاج على الجريمة النكراء التي ارتكبها الصهاينة بهدم الباب الذي ولج منه النبي صلى الله عليه وسلم لإمامة الأنبياء عليهم السلام في رحلة الإسراء، توالت الانفجارات في الجزائر ولبنان مخلفة العديد من القتلى والجرحى.
لا رابط بالتأكيد بين التفجيرات في الدولتين، كما لا جدوى لهما في مسألة الأقصى وشجونه، ولا دليل كذلك على أن لهما صلة بالأقصى، بل الراجح أن الأحداث تأخذ الجميع بعيداً عن القضية الجوهرية الأولى في العالم العربي والإسلامي.
الأقصى في الحقيقة ليس بناءً أو مجرد مسجد له حرمة دون حرمة مسلم يسفك دمه بشط العراق أو في بأكناف بيت المقدس، إنه عنوان كرامة، ومحور صراع، ورمز وجود، وبطاقة هوية.
المشكلة دائرة مع التحليل حيث دار، فإذا كانت تفجيرات الجزائر مثلاً قد وقعت للرد على الجرائم في قلب العالم الإسلامي؛ فقد أبعد المنفذون النجعة والمسافة والتأثير والهدف، وإن لم تكن كذلك، فهي لاشك تغرد خارج السرب المناهض للاحتلال أنى تلاقى في الثغور معه.
إن وابلاً من الرصاص قد أطلق في رحاب المسجد الأقصى الشريف أثناء وقفة المسلمين الرائعة دفاعاً عنه ورباطاً حوله ممن هوت إليه أفئدتهم، وخفت له أقدامهم الراسخة، لم يجد من يتصدى له سوى صدور لاقته عارية وحناجر قابلته غاضبة تشكو ثقلة ذوي القربي عن واجبات الدين والنخوة والكرامة، فإذا سمعت قرقعة الرصاص كانت في جبال القبائل الجزائرية.
وحيث تمضي الدول الغربية قدما في مساعيها لتقسيم العالم العربي والإسلامي على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، تنفجر السيارات في ولاية تيزي أوزو الأمازيجية بالجزائر، وقرية عين علك المسيحية اللبنانية، مخلفة عشرات القتلى والجرحى.
ولن نغرق في تفاسير تفجيرات لبنان، ومسؤولية المنفذين الذين لو كانوا من خارج الوطن اللبناني لما قلنا سوى أنهم يبغون اضطراباً يسمح بـ"الفوضى الخلاقة" التي تتوق لها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، ولو كانوا من داخله ممن يرفعون ألوية "المقاومة" وممن يتحدثون كثيراً عن الأقصى ويخشون من تجمع الموالاة بحشد موفور الجماهير، لقلنا إذن ضاع الأقصى بين "شرق الخليج وأقصى المحيط"، أو لتستأثر برجالك الصامدين على أعتابك والباكين في خلواتهم في شتى الأرض من دون الناس فمنهم بعد الله سبحانه المرتجى.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"