أنت هنا

دمعات خانت الأقصى.. لله أنتم تكادون فلا تكيدون!!
19 محرم 1428

دمعات خانت الأقصى الأسير فضنت عليه بانسيابها من مآقٍ استنكفت أن تسيلها في محنته ومأزقه، وفاضت بها في أزمات البورصة والأسهم والسوق الحر.
عقارات لها بكاؤون طاشت بها البورصة، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم، لا تستشعر جموع مسلمة غفيرة بأنه يملك قلبها مثلما تملك الدنيا حركاتهم وسكناتهم.
وحدها فئة ترجو لله وقاراً وترى لحرمات الله مكاناً، هي المعنية من بين الجموع بالحفاظ على المسجد الثالث الأعظم من بين مساجد المسلمين.. طائفة تمسّك بالكتاب، ترعى لله حرماته، تعظمها في قلوبها، وتنتفض جوارحها غضبة للانتهاك الإجرامي الذي ينفذه الصهاينة اليوم ضد قبلة المسلمين الأولى، ولئن صمتنا فهي الظاهرة الثائرة على العدوان، مجسدة بقيامها لله معنى الحديث العظيم: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".[صحيح مسلم] (قال أحمد بن حنبل: أهل المغرب هم أهل الشام، وفي مسند أحمد من رواية عبد الله من حديث أبي أمامة "هم ببيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس").
وحدها طائفة ظاهرة في جميع أرجاء الأرض يكلمها المشهد الذي بثته الفضائيات هذا الصباح، وتتوق ليوم ترى فيها لهذه الأمة عزة، ورهبة في قلوب أعدائها، تذوب أفئدتها حَزَناً ألا تجد ما تدفع عن مسجدها الحبيب عدوان البغاة المعتدين المتجبرين.
ثمة مفارقة مخجلة يضمها مشهد البكائين لضياع حطام الدنيا، بما يضم هذا المشهد من مستشفيات تستقبل ضحايا البورصة، ومنتديات ولقاءات تهيمن عليها هذه القضية أو قضايا كروية أو حادثة جنائية وما شابه ذلك، ومشهد يضم قلة هبت لنصرة المسجد الأقصى أو آحادا ظهروا في الأفق يستنكرون الجريمة.. بما يدعونا لأن نتساءل: أنحن ذاهلون عن واقعنا الإسلامي لهذه الدرجة؟ أهانت علينا مقدساتنا فكان طبيعياً أن تهون على غيرنا؟ أكُلٍّ ما في جعبتنا أن يتظاهر الأدعياء بحنقهم وإدانتهم كي يحثوا في وجوه الناس التراب؟ أو هكذا قد صارت ردود أفعالنا سخية "التسامح" وفيرة اللامبالاة حتى تطابقت مع ما من أجله صرخ الخليفة الرابع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه في أهل العراق ذات يوم، حين خاطبهم بكل أسى قائلاً: ".. فلله أنتم، تكادون فلا تكيدون، وتنتقص أطرافكم فلا تمتعضون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون."؟!
إنه إن كان لبيت المقدس بما يحويه من بقاع شريفة عزيزة على كل مسلم ومسلمة أن يبكي لبكى.. لأبكته جماهير مسلمة تسجد لله وتركع لله في صلاتها التي فرضها الله في معراج نبيه صلى الله عليه وسلم الذي انطلق من جوار حائط البراق الذي يهتز من وقع جرافات الصهاينة اليوم ثم لا تهب دافعة عنه أيدي المعتدين، قبل أن يبكي أعداءه المجرمين الآثمين، فظلم الأقربين أعظم على الأقصى من ظلم الأبعدين..
هل يذكر المسلمون صلاة أم فيها النبي صلى الله عليه وسلم جموعاً من الأنبياء والمرسلين غير بعيد عن جرافات البغي؟
إن الجميع بالتأكيد يذكر كل هذا، لكن قليلاً من حمل العبء فقام لله قومة عز وكرامة توقف العابثين بالمقدسات، وتعلي من قيمتها في نفوس العالمين، وحتى ينتبه الجميع بمقدار حظ الإيمان في قلوبهم ستظل الجرافات تجرف الأرض من تحت مسرى النبي الأمين صلى الله عليه وسلم..