أنت هنا

"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ"
7 محرم 1428

لله حرمات، يفرض الله على عباده أن يعظموها، ويصونوها، وهي عامة في أوامر الله وسننه، مثلما قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: }ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ{ [الحج : 30]، "..ويجمع ذلك أن تقول: "الحرمات: امتثال الأمر من فرائضه وسننه"، وهذا عام يستوعب كل ما تعانيه الأمة اليوم من استهداف ممنهج لثوابتها ومقدساتها سواء ما يتعلق بالشخصيات ذات المكانة السامقة عند المسلمين كرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنبياء الله وصحابة رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين، أو ما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما يتعلق بالأماكن ذات القدسية الكبيرة في نفوس المسلمين كالمساجد الفاضلة والمساجد عموماً، أو ما يتعلق بالمسلمين عموماً وما يتعلق بشخوصهم وحقوقهم سواء أكانوا أحياءً أم أمواتاً..
وإذا كان يتوجب على المسلمين عموماً أن يكونوا حاضرين في كل مشهد تعظم لله فيه حرمة، ويقام فيه لله قومة، ولدينه بنصرة؛ فإن على العلماء والدعاة وقادة الرأي الواجب مضاعفاً أن يقوموا باحتضان هذا التعظيم ورعايته وترشيده، وفتح آفاق جديدة نحو ترشيده، وفقاً لآليات تأخذ في اعتبارها كل جديد لديها أو كل ما يستجد في المقابل من حملات الطعن والانتهاك لهذه الحرمات من أعداء هذا الدين، الذين لا تطرف لهم عين إلا وهم في مسعى دؤوب للنيل من هذا الدين ومقدساته وحرماته، بما يفرض على هؤلاء النخبة دوراً أكثر فاعلية وتطوراً وإبداعاً، ومن هذا المنطلق، كان المؤتمر في الكويت لتعظيم حرمات الله الذي رعته مجلة البيان السعودية ومبرة الأعمال الخيرية الكويتية، وحضره لفيف من نخبة هذه الأمة وعلمائها في مقدمتهم الشيخ أحمد الصويان رئيس المؤتمر ورئيس تحرير مجلة البيان والشيخ عبد الوهاب الديلمي وزير العدل اليمني السابق، والدكتور ناصر العمر، والدكتور سلمان العودة المشرف العام على موقع "الإسلام اليوم"، والدكتور وليد الطبطبائي عضو مجلس الأمة الكويتي، رغبة في التجديد في آليات وأدوات التصدي لهذه الهجمة التي بدت متناغمة مع تطلعات دولية تناصب هذه الأمة بكل ما تحمله من إرث حضاري ، مقدس أو غير مقدس، عداء متنامياً ومتناسباً طردياً مع إخفاقات هذه القوى في تركيع هذه الأمة وإسقاطها في غياهب التبعية والضياع.
إن الواجب حتم على هؤلاء النخبة أن يلتئم جمعهم خلال الأيام القليلة الماضية لوضع النقاط على حروف الرغبة في تقديم روشتة علاجية تتضمن آليات توضع على الفور موضع التنفيذ للحؤول دون تفاقم المشكلة الناتجة عن تنامي العداء للإسلام، وصير إلى تشكيل لجنة لمراقبة ورصد التعديات على مقدسات المسلمين حول العالم، سواء منها ما يحدث خارج ديار الإسلام، وذاك الذي اخترق حجبنا فنالنا من داخل بلداننا الإسلامية من الطابور الخامس، وإلى مناظرة الفكر العدائي للدين لدى الآخرين بمراكز بحثية لدراسات الاستشراق والغرب، وبمفاعيل الإعلام والفكر والمناظرات الحججية، ولجنة أخرى لملاحقة مجرمي العداء للإسلام ومقدساته قضائياً وفقاً للأنظمة الحقوقية، وحمل الحكومات والهيئات والجهات المعنية على تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن مقدسات الإسلام، والضغط على المعتدين بسلاح المقاطعة الاقتصادية وغيرها، وتنسيق الجهود من أجل أن يغادر الحديث عن تعظيم حرمات الله حيز الكلام إلى منطقة الفعل التي حذر أكثر من متحدث من ألا تصل إليها.
المؤتمر عقد بهذا الحضور ليراسل الجميع برسالة واحدة، تقول بأن دين الله عز وجل أعظم ما يجتمع بشأنه المؤتمرون، ولعل البعض من بني جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا ولا يشاطروننا أحلامنا وتطلعاتنا وأهدافنا يعجبون من مؤتمر يعقد من غير مبتغى آخر سوى أن يقول إننا نحب مقدساتنا كما يحب الآخرون أبناءهم وأموالهم!