أنت هنا

الصدر ـ المالكي : ذهاب وعودة!!
28 ذو الحجه 1427

المنصت لأقاويل الساسة الأمريكيين هذه الأيام إما أنه سيخوض معهم في متاهة التفسير السياسي والعسكري لهذه الخطة في جانبها التطبيقي، أو سيروعه حجم التناقض الصادم لتوضيحات ماهية هذه الخطة، وفي الحالين سيغرق في أحجية لا ينتهي قعرها.
ونستطيع أن نحلل هذه الأحجية الاستراتيجية الأمريكية في بضعة كلمات يمكنها أن توصف لا أن تفسر أو توضح ماهية هذه الاستراتيجية التي لاقت ترحيباً في المنطقة العربية، بالتأكيد في بنودها غير المعلنة إذ المعلن لا يرقى إلى القدر الذي يمكن تأييده أو رفضه حين يتمتع بزئبقية فريدة تحميه من النقيضين، التأييد أو الاعتراض!!
الاستراتيجية من فم الرئيس الأمريكي جورج بوش تفضي إلى هذا التصور: ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتشجيع حكومة جواد المالكي العراقية والتي شكلت بالأساس بترجيح صوت التيار الصدري في اختيار المالكي بدلاً من عادل عبد المهدي الموالي للحكيم، على لجم ميليشيا جيش المهدي المنسابة بقوة في دهاليز وزارة الصحة وغيرها ووصلت في نفوذها الباطش إلى تنفيذ حكم الإعدام بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين بأيديها.. ستشجع الولايات المتحدة قوات نظامية مشكلة من تنظيمي بدر وجيش المهدي بالأساس للحد من نفوذ الميليشيات عسكرياً، وسياسياً سيعمل الائتلاف المتكون من الجناحين السياسيين (المجلس الأعلى للثورة بزعامة الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر) على ألا يعلو صوت البدريين أو الصدريين فوق الصوت الحكومي!!
لا بأس، وسيقوم موالون لإيران بتقييد نشاط الإيرانيين في الجنوب العراقي الذي يستعد لإنشاء مطار دولي في النجف سيربط المدينة المقدسة عند الشيعة بمدن إيران، وسيقيد الحرس الثوري الإيراني الذي تسلل أفراده في مفاصل الدولة العراقية نشاط إخوانهم في الحرس الثوري الذين لم يحظوا بالصفة الرسمية أو يتحصلوا على وثائق هوية جديدة..
وستعمل واشنطن على إشراك أكبر للسنة في العملية السياسية عبر قصف شارع حيفا ببغداد والمساهمة في تغيير التركيبة الديموجرافية المتزنة في العاصمة العراقية!!
وستضغط الولايات المتحدة بقوة على إيران من خلال نشر قوات جديدة بالآلاف في الأنبار السنية وأحياء بغداد السنية المتبقية منها بعد التركيس القسري لها.
الولايات المتحدة الأمريكية يبدو أنها بما تملكه من آلة إعلامية قل أن يوجد لها في العالم نظيراً وبما تنفقه من أضخم ميزانية استخبارية في العالم كله، اكتشفت بعد 45 شهراً من تفجير العراق بعدوانها المجرم الأثيم أن "إيران تحاول أن توجد لها موضع قدم في العراق، وتعرقل جهود الولايات المتحدة فيه" وتبين لها أن خمسة "ديبلوماسييين" إيرانيين هم سبب كل هذه المعضلة التي تتأبى على الحل في العراق، وأنه بالقبض عليهم تضع أمريكا يدها على أول الخيط الممتد حتى طهران وقم في الشمال كما الجنوب والوسط العراقي..
تلك هي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في شكلها المبسط، أو في شكلها المعلن الذي يسيل أطناناً من الأحبار في أوراق تحاول فك طلاسم الأحجية الجديدة فتبوء حاسرة العين بالخيبة.. إنه ما يبدو من ظاهر الصورة، أما باطنها فقد يكون هناك من تبلغ بشيء ما بخصوص هذه الاستراتيجية مما لم تدركه العقول والأفهام للوهلة الأولى!!