أنت هنا

مفردات التعبير عن الهزيمة في تقرير بيكر
16 ذو القعدة 1427

بغض الطرف عن المفردات اللفظية لتقرير اللجنة المنبثقة عن الكونجرس الأمريكي والمشكلة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي برئاسة بيكر ـ هاملتون بشأن إيجاد مخرج للولايات المتحدة الأمريكية من أزمتها المستفحلة في العراق؛ فإن أبلغ تعبير عن الواقع الأمريكي لا يأتي من خلال هذه الألفاظ المنتقاة في تقرير بيكر، وإنما يأتي من جملة من المعطيات ترافق صدور هذا التقرير حتى لو لم تُقرأ كلماته وعباراته، وأهمها على الدوام هو الاعتراف القاسي لكل من الإدارة الأمريكية والبنتاجون بعدم قدرتهما على إدارة الملف العراقي، وهو ما دفعهما إلى إحالة الملف برمته إلى الكونجرس لإبداء الرأي فيه، وتشكيل لجنة مشتركة من الحزبين يقول لسان حالها أن اعتراف حزب حاكم في الولايات المتحدة الأمريكية بالاندحار لا يعني أن يترك الحزب الآخر الولايات المتحدة تغرق أكثر في مستنقع المعضلة العراقية.
الإدارة جعلت تسعى إلى تقديم تنازلات قاسية لخصومها الديمقراطيين من أجل حلحلة الوضع في العراق، ووضعت أعناق الصقور على منصة الكونجرس تمهيداً لذبحها البارد، وحيث تبقى تراجعات الإدارة الأمريكية لحساب الديمقراطيين نوعاً من التبادل السياسي لآليات الحل لأزمة مستعصية، تتجاوز الأزمة العسكرية خلافات السياسيين الأمريكيين بمراحل، إذ تخرج السجال "الوطني" الأمريكي إلى الخارج، وفي العراق تحديداً، فعند المقاومة العراقية تحديداً يجري تلطيخ وجه العسكرية الأمريكية وتحديد الأحق بالقدوم إلى البيت الأبيض والكونجرس، وهذه الحالقة لرأس الإمبراطورية الأمريكية المتعجرف، وعند المقاومة كرة نار يتقاذفها وزير الدفاع الأمريكي القادم جيتس والمستقيل رامسفيلد، حيث حاول الأخير إلقاء الكرة في وجه الساسة حين قال في المذكرة السرية التي دفع بها إلى البيت الأبيض قبل إقالته ـ أو استقالته ـ بيومين اثنين فقط: "من وجهة نظري لقد حان الوقت لإجراء تعديل رئيس، لأنه وبشكل واضح، ما تقوم به القوات الأمريكية حاليًا في العراق من مهام لا يتم بصورة كافية أو سريعة بما ينبغي"، وطالب بزيادة القوات الأمريكية في العراق، وانسحابها من المناطق الساخنة في العراق.[نيويورك تايمز 2/12]، وبادر خليفته إلى وصف "الوضع الراهن (بأنه) غير مقبول." [سي إن إن 5/12]، وشدد على أن قواته لا تحقق النصر في العراق. وهو ما عد سبقاً إلى إعلان الهزيمة قبل أن يشرع في تسلم مهام منصبه!! فالأول أخلى مسؤوليته لدى مغادرته البنتاجون والثاني برأ ساحته سلفاً.
وكلاهما والإدارة الأمريكية والكونجرس ينسفون كل الدعاية السابقة التي مردت الآلة الإعلامية الأمريكية الضخمة ووسائل التخدير المتنوعة من سياسية وإعلامية وعسكرية، والجميع هنا جاؤوا يؤكدون كذب كل هذه التقارير التي أمطروا العالم بها لسنوات ثلاثة مضت، عن الانتصار الأمريكي أو كسر شوكة المقاومة أو النجاح الجزئي في التفاوض معها أو تقدم العملية السياسية في العراق أو انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية أو النجاح في تحييد المقاومة العراقية شعبياً إلى غير هذه التقارير التي لم تعد اليوم أكثر من ترهات وتخرصات شفت وساوسها المقاومة العراقية الرائدة، الظاهرة على الحق دوماً، فلا يضرها من خذلها ولا من خالفها..