أنت هنا

انتخابات البحرين: نقطة أخرى في رصيد الشيعة
6 ذو القعدة 1427

لا أحد ينكر على الشيعة تمرسهم السياسي ورصيدهم التراكمي من خبرات سابقيهم في خوض معتركات السياسية والعسكرية والاقتصاد، ولا أحد ينكر في المقابل ما يعتري التجربة السياسية لكثير من فصائل العمل الإسلامي السني من ظروف تحول بينها والإفادة بالحد الأقصى من المتاح من فرص الممارسة السياسية.
وإذا كانت الانتخابات البحرينية قد أقيمت في أجواء شفافة ونزيهة ـ إلى حد كبير وإن شابتها بعض الخروقات بحسب ما ورد من العاصمة البحرينية على لسان المحسوبين على القوى السياسية البحرينية ـ، فلسنا معنيين بأن نستلب الفائز حقه في أن يفرح بفوزه، وإن ساءنا التراجع السني فلا نجد أنفسنا في حاجة لأن نقيم مناحة على تراجع الحظ السني في برلمان البحرين، وجراحات العراق تكفينا، ولسنا كالآخر نعتبر كل تفوق سياسي وفقاً لاتفاق على نظام سارٍ على الجميع مرده "مظلومية" تستأهل إقامة الشغب، وتستوجب أن ننكأ جراحات التاريخ ونصرخ "يا لثارات الحسين".
فالأمر لا يعدو كونه انتصاراً سياسياً جاء بمن يراهم الشعب البحريني ـ بغالبيته ـ أقدر على مراقبة أداء الحكومة والقيام بمهام البرلمان الموكلة إليه وفقاً للدستور البحريني، وعلى جميع من فازوا إذن أن يتحملوا المسؤولية في ضمان العدل والاستقرار والاستقلال لمملكة البحرين، فلا وقت الآن للتراشقات وإنما ثمة أجندة لابد وأن يحملها النواب مثقلة بهموم الشعب البحريني المسلم العربي الذي تحيط به تحديات خارجية وداخلية كثيرة في ظرف يمر فيه الخليج بمنعرج خطير يحتاج من الشعب البحريني الانتباه إلى ما يحفظ عليه دولته وينأى به عن الولاء لقوى خارجية أياً كانت لئلا يسلك طريق اللبننة الجاري الآن والذي يتجاوز فيه الاستقطاب السياسي حدود الخلاف الداخلي إلى الأطماع الخارجية والتوظيف الدولي لأطياف اللون السياسي والمذهبي.
لابد وأن يدرك الشعب البحريني أن بلاده بموقعها الاستراتيجي المتميز هي مطمع للدولتين المتحكمتين الآن في أمن الخليج وهما الولايات المتحدة وإيران، وينبغي على البحرينيين أن يوجدوا قواسم مشتركة تدفعهم إلى التعايش السياسي بعيداً عن التراشقات الطائفية، ويرتبوا سلم أولوياتهم بحيث لا يحدثوا خرقاً في نسيج الوطن البحريني، والبحرينيون يعلمون أن ليس في بلادهم "عتبات مقدسة" لكن قاعدة الجفير العسكرية، القريبة من المنامة، تمثل واحدة من أهم القواعد العسكرية في الخليج، حيث تضم مركز قيادة الأسطول الخامس الأميركي، ومركز قيادة القوات الخاصة، وهذا يعد تحدياً برلمانياً موضوعاً على طاولة المعارضتين الشيعية والسنية على حد سواء، وإذا كانت الدول الخليجية متهمة على الدوام من قبل الإيرانيين والطائفة الشيعية بوجه عام بعقد صداقات وتحالفات مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الكرة الآن في ملعب القوى السياسية الشيعية في البحرين لإبداء رأيها فيما يخص هذه الوجود الأمريكي في البحرين إذا كان الحلفاء الإيرانيون لم يبدوا امتعاضاً من الوجود الأمريكي في كل من العراق وأفغانستان، وإذا كانت ترى الأمر بالنسبة لها مستحقاً للمعارضة، لأن ثمة استحقاقات للفوز الانتخابي تصغر جوارها فرحة الفوز، أو "المظلومية" التي أضحت قرينة الخطاب السياسي الشيعي حتى في لحظة الفوز، حيث كان الجميع يتحدث عن انتصار المعارضة فيما كان جاسم الخياط رئيس هيئة التحكيم في جمعية الوفاق البحرينية يؤكد لقناة العالم الإيرانية هذا اليوم "أن الإعلان عن هذه النسبة المتواضعة في فوز المعارضة يمثل [ظلما] صارخا بحق [الطائفة]"!!