أنت هنا

قبل اختطاف الشيخ الضاري.. أنقذوا علماء السنة
26 شوال 1427

قبل اختطاف الشيخ الضاري.. أنقذوا علماء السنة

قبل قليل أعلنت الحكومة العراقية المعينة أنها قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق الشيخ الدكتور حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق، وبقدر ما تعبر هذه المذكرة عن تطور طبيعي للفعل الاقصائي البغيض في العراق ضد كل ما هو سني وضد كل ما هو يعبر عن الصوت الإسلامي والوطني المعتدل الحكيم؛ فإنه أيضاً يعبر عن هشاشة الوضع السني ليس في العراق وحدها وإنما في سائر البلدان العربية السنية التي يمثل الضاري في نظرها صوتاً دينياً عاقلاً ينبغي التعاون معه في إخراج العراق من محنته والحؤول دون تحوله إلى حديقة خلفية للإمبراطورية الفارسية التي باتت على أعتاب مرحلة تتراجع فيها الولايات المتحدة الأمريكية، وتتقدم بيادق الحلف السورإيراني لتحرك المنطقة باتجاه إخراج الدول العربية من معادلة التأثير في الرقعة العربية والإسلامية.
إن اعتقال الشيخ الضاري حال حدوثه تجاوز للخط الأحمر ليس في الداخل العراقي وإنما في المنطقة كلها، ليس لكون الضاري هو عالم دين إسلامي سني فحسب، بل لكونه عالماً ربانياً فرض نفسه على المعادلة العراقية شاء من شاء وأبى من أبى، وهو يتحرك محملاً بأعباء سياسية تفرض عليه كما أعدائه احترام قواعد الصراع في العراق، وهو ما لم يجاوزه حتى حين يبلغ السيل الزبى فيما أعداؤه قد ضاقوا بتحذيراته ونواقيس الخطر التي ما انفك يطرقها خشية أن ينهمر الدم العراقي بأكثر من معدلاته الحالية المخيفة بطبيعتها، فالشيخ قد أثار أعداءه قبل شهور حين أماط اللثام عن ملامح الجريمة حينما تحدث عن 40 ألف شهيد سني بيد الميليشيات الشيعية خلال فترة رئيس الحكومة السابق إبراهيم الجعفري الذي ينتمي إلى الحزب ذاته الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة الحالية، وهو ما التحف بالصمت خلال حكم هذه الوزارة التي أنشبت أظفار المنايا كسابقتها في لحوم المسلمين السنة حتى غدا الخطف والقتل في عهدها مقنناً ومبرراً كما في حادثة جامعة بغداد الأخيرة، وأضحى اغتيال العلماء السنة عملاً روتينياً يومياً لا يستثير إلا هيئة علماء المسلمين وحدها وتكشف كل يوم عن ضحية جديد منهم كمثل شهيد مسجد السجاد الذي ارتقى اليوم في مدينة الثورة (الصدر)، فقد ظل خلال الفترة الماضية يتحرك على كل الأصعدة من أجل لملمة الجراح العراقية والحؤول دون صيرورته محافظة إيرانية.
الشيخ قد ضاق به خصومه السياسيون حتى عدوه هدفاً مشروعاً لنبالهم وهددوه بالقتل مراراً وأتى بالأمس الرئيس العراقي القريب من "إسرائيل" جلال الطالباني ليمنح الميليشيات غطاء اعتقال الشيخ الجليل بتصريحه الذي تحدث عن إثارة الشيخ لـ"الفتنة"!! ليفتح الطريق مشرعاً أمام مجرمي الاختطاف المقنن بالنيل من أحد علماء الأمة ورموزها وسط صمت مريب من النظام العربي الرسمي الذي يحتفظ للشيخ بنوع من الود والاحترام ـ على الأقل فيما هو معلن ـ والجميع في بلاد بني يعرب يدرك أهمية الشيخ وضرورة أن يبقى حراً يساهم مع العقلاء في وقف نزيف الدم الهادر.
والآن يصبح استنقاذ الشيخ هو هم الأمة وواجبها إن ظلت شعوبها تتمتع بقدر من النخوة والوفاء لعلمائها وقادة الرأي الحكيم فيها، وكيف لا, والشيخ من أعلام العصر ورموزه، ومن يجهله فالعلَم هو الشيخ حارث سليمان الضاري الزهري الشمري البغدادي رئيس هيئة علماء المسلمين والمحاضر في جامعات العراق والأردن والإمارات, أستاذ الحديث والتفسير, درة قبيلة شمر العربية العريقة, سليل عائلة كريمة, خطا الكريم على درب الجدود أولي النضال والنهى, فجده الشيخ ضاري البطل الوطني العراقي الذي تمكن من قتل الكولونيل الاحتلالي البريطاني جيرارد ليتشمان في ثورة عام 1920 في العراق بضربة سيف أزالت هامه عن مقيله وزلزلت ضربتها أركان لندن, فمن شابه آباءه فما ظلم..