أنت هنا

الأنصال على الرقاب وما زلنا عابثين!!
4 ذو القعدة 1427

متى يمكننا أن نرى فعلاً سنياً رسمياً وشعبياً يرقى لصد هذا العدوان الغاشم الذي ينفذ مجازره بدم بارد تحت سمع وبصر الجميع في العراق؟!
الآن وبعد المجازر والمذابح التي تنفذ في مدينة الثورة (الصدر) ضد السنة على خلفية التفجيرات المجهولة، وعلى أيدي العصابات الصفوية التي لا يردعها دين أو مقدس، تعمد إلى المساجد والمصاحف فتهدم الأولى وتمزق الثانية، ومن قبل كانت فضيحة الاختطاف الرهيبة التي نفذت بحق المسلمين السنة في جامعة بغداد لم يبق لنا إلا انتظار موقف أعلى صوتاً من ذاك الذي نسمعه الآن على الصعيدين الرسمي والشعبي في البلدان العربية والإسلامية، فالخطر قد بدأ يقترب من الجميع، والنصل على الرقاب، والانتظار أكثر من مدمر لهذه الشعوب التي باتت بين خطرين ماحقين من دون غطاء وحدوي جامع ووعي بالمرحلة وباللحظة الفارقة التي تمر بها الأمة الإسلامية والعربية.
ونحن هنا وفي خضم هذه الأزمة، لا يجوز لنا أن نسترسل في خدر التنويم الإعلامي غير الواعي في الرقعة العربية، ومن دوائر صناعة الرأي العام العربي وتوجيهه لأن الطوفان إذ بدأ اندفاعه فلا يصده أسوار مفرغة من الإدراك بماهية المعركة وقواعد اللعبة وأصول الحرب، فبعد مذكرة توقيف الشيخ الضاري بدأ الهجوم على الشيخ عدنان الدليمي في البرلمان العراقي وخارجه، وبدا الموقف كأنه تجهيز لإلحاق الأذى به وبكل زعيم سني يبرز على الصعيد السياسي في العراق، وأبان المشهد العراقي ما يمكن قراءته على أنه أكبر إفادة من حالة الانكسار الأمريكي في لململة الأوراق السياسية جميعها من الخصوم لحساب الدلوة الصفوية المزمعة في العراق، لاسيما بعد أن صار التقارب السوري ـ العراقي حائط صد يراد منه خنق أنفاس المقاومة العراقية وضبط جميع الحدود إلا الحدود الإيرانية المتروكة كأبواب مشرعة ينساب منها السلاح والتوجيه والدعم إلى ميليشيات الدمار والإفساد في الأرض.
وقبل نحو أسبوعين كانت الأحداث تمضي مؤذنة بنوع من السفور والتبجح في تبيان العداء لكل ما هو سني بغير اكتراث من متنفذين أضحوا غير عابئين بصوت أمريكي وغربي خافت يجري تسويته السياسية مع الإيرانيين على حساب أهل السنة كما هو الحال على الدوام، كانت الحادثة الأكثر بروزاً منذ ذلك الحين هي اختطاف القوات الحكومية النظامية والتي يهيمن عليها الشيعة لنحو 150 أكاديمياً وفرزهم ومن ثم الإفراج عن الشيعة واستبقاء السنة بين الموت والأسر، وثم الصمت المطبق على الجريمة، وهذه ليست إلا إشارة طفيفة لما يحدث يومياً لكنها الأوضح في دلالتها، ليس من جهة تقنين الخطف وشرعنته، وإنما في صمت الجميع على الجريمة، واعتبارها عملاً اعتيادياً لا ينبغي إنكاره ولو حتى ببيان شاجب، والأخطر أننا حيث سمعنا ـ على سبيل التقيَّة ـ من الحكومة العراقية إدانة واضحة للجريمة، لم نسمع من أي من الدول العربية ـ على سبيل الاهتمام ـ إدانة واضحة أو مطالب بالحركة في اتجاه الفعل داخل العراق أو خارجه، في وقت حذرت فيه إيران كلا من الكويت والبحرين من تداعيات اشتراكهما مع الأمريكيين في مناورة الخليج السابقة واعتبارها عملاً عدائياً يستوجب الإدانة. وبغض النظر عن مشروعية هذه المناورة من عدمها، فإن هذا التحذير الإيراني يحمل أكثر من دلالته اللفظية من شجون يستثيرها ضياع الموقف العربي الموحد إن على الصعيد الرسمي أو الشعبي. فلم نسمع لا عن وحدة عربية أو تحالف مضاد أو تحرك حزبي ومن تلك المنظمات الموسومة بمنظمات المجتمع المدني ولا غيرها من الهيئات ذات الاعتبار الشعبي لدق نواقيس الخطر، بل في الوقت الذي يتعرض فيه لبنان للتمزق على يد الشيعة والمارون يصخ البعض آذاننا بالحديث عن التقارب المذهبي الذي لا يألفنه إلا في أضغاث الأحلام وخيالات الوهم!


إنه كما قلنا قد وضعت الأنصال على الرقاب، وغدا الأمر شديد الخطورة بما يستدعي أن يلملم الجميع الجروح البينية وتتصالح القوى الرسمية مع الأخرى الشعبية ولو على قاعدة المصلحة المشتركة التي تجمع هؤلاء وأولئك في الهم الواحد والمشترك، والذي نخشى أن تطيش معه الموازين لتدخل المنطقة برمتها في مرحلة الفوضى التي سيكون المسلمون العرب فيها الأخسرين، وستخرجهم من المعادلة تماماً وتفقدهم آخر ما تبقى لهم من حظوظ الممانعة.