أنت هنا

لِم يخشى المالكي مؤتمر نصرة العراق؟!
20 شوال 1427

ليس بين مقاومة الاستقلال والاستقرار وبث الأمن، والرغبة في ديمومة حلقة المذابح والإبادة الجماعية ضد الأغلبية السنية في العراق من جهة أخرى فارق كبير، كل منهما ينسجم مع الآخر، وكلاهما يشرب من معين الاحتلال والطائفية الفارسية، وكلاهما يكافح ببسالة أي مسعى لأن يمشي الناس في بلاد الرافدين مطمئنين.
مؤقتاً، كللت مساعي رئيس الوزراء العراقي المعين نوري المالكي بالنجاح من أجل الحؤول دون إقامة مؤتمر لنصرة أهل العراق في مدينة اسطمبول التركية، فالمؤتمر بالأكيد لن يعقد كما كان مقرراً له يومي 15،16 من شهر نوفمبر الحالي، ولن تتقاطر الوفود على المدينة الإسلامية العريقة، فالمتعصبين الطائفيين حالوا هذه المرة عبر ممارسة ضغوطهم المستميتة لئلا يسمع المسلمون والعالم كلمة "لا" قوية ضد سياسة القتل المجاني التي توفره ميليشيات جيش المهدي وفيلق بدر والباسدران والباسيج الإيراني للمسلمين السنة في عموم أرض العراق.
لو كانت الحكومة العراقية كذلك، أو كانت حريصة على إسلاميتها وعروبتها لانتظرنا منها موقفاً مرحباً بمؤتمر يعالج ما قد أضحى هماً إسلامياً وعربياً عاماً لا يمكن تجزئته وفصله عن الهموم الأممية العامة، ولو كانت الحكومة ترفض أي تدخل في شؤونها الداخلية لكان عشرات آلاف الجنود من دول الغرب والشرق خارج العراق الآن وفقاً لأجندة التحرير التي كان حرياً بحكومة المالكي أن تعتمدها كإستراتيجية لها، لكن كل هذه الأوهام لن تحدث لأن النظام العراقي الذي باتت الميليشيات الدموية ركناً ركيناً فيه لن يقبل بأن يتحدث العالم عن جرائمه التي غدا الجميع معلنين ومسرين يدركون أنه ضالع فيها، فكثير من المراقبين الآن يعلم يقيناً أن جيش المهدي الذي تنتسب إليه فرق الموت الرهيبة قد هيمن على معظم فرق وزارة الداخلية العراقية، والكثيرون يدركون أن قوام الجيش العراقي الوليد من الميليشيات الطائفية وفي مقدمتها فيلق بدر الخارج من رحم إيران، ولا يغيب عن مجمل أهل العراق وسنته على وجه الخصوص أن رئيس الوزراء ووزير الصحة في حكومته والمنتميين إلى حزب الدعوة الشيعي كذلك هم من أكثر المسؤولين حرصاً على تكتم أنباء المجازر ومنع وصول أخبارها إلى الجهات الدولية والإعلامية لاسيما الأمم المتحدة التي اتهمت الحكومة العراقية قبل أسبوعين بتعمد إخفاء العدد الحقيقي للقتلى في المجازر اليومية.
إن المالكي وأعوانه سيظلون حريصين على أن تبقى أخبار مجازرهم طي الكتمان قدر الإمكان حتى يكتمل المخطط الرامي إلى طمس الهوية العراقية الإسلامية والعربية، وتجزئة هذا البلد العصي على الركوع لغير الله، والذي يستمد جذوره من حضارة إسلامية عريقة حالت دوما دون انسياب العنصر الفارسي إليها رغبة في إعادة مجد ظل مستمراً 2500 عاماً حتى جاء الإسلام فأطفأ شعلة فارس، بيد أن النظام الجديد في العراق يجهد اليوم لكي يسجر هذه الشعلة بمجازره اليومية الهادفة لخروج المسلمين السنة من المعادلة العراقية ومن ثم إعادة الإيوان إلى كسرى الجديد.. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"