أنت هنا

قرارا "1559"و"1701"واحتلال الصومال!!
1 شعبان 1427

الراصد لآلية وتوقيتات استصدار قرارات الأمم المتحدة فيما يخص القضايا الإسلامية لا تخطئه انفرادية كل آلية وقوة وتوقيت لهذا القرار أو ذاك سيلحظ أن ثمة قرارات لها طابع الحسم وسيجد التزاماً لافتاً من الدول الكبرى بضرورة تطبيقها على الفور وبكل حزم, وسيلحظ أن قرارات أخرى لا تساوي الحبر الذي تكتب به ولا تكاد تستأهل مصاريف تنقلات المندوبين الدائمين من مقراتهم إلى المبنى الأممي.
وغير ذلك، سيفتقد قرارات لم تصدر مع أنها تكاد تطابق حالات مثيلة وقف العالم كله على أطراف أصابعه لضمان تنفيذها الحرفي.
والصومال المسلم العربي أنموذجاً لهذه الحالة العرجاء لهذه المنظمة التي غدت الغطاء السياسي لـ"الاستعمار" العالمي، الذي تصدر القرارات باسمه وبـ"مباركته"، فقوات الاحتلال الإثيوبية التي باتت تسيطر منذ عدة أيام على مدينة بيدوا التي تتخذها الحكومة الصومالية المؤقتة عاصمة للبلاد بديلاً من العاصمة الصومالية مقديشو التي تسيطر عليها قوات المحاكم الشرعية التي غدت الحاكم الشرعي للصومال في غياب حكومة وطنية تحرص على استقلال البلاد ـ هذه القوات الإثيوبية لا تجد من يحثها على مغادرة الصومال والكف عن العبث باستقلاله وسيادته.
القوات الإثيوبية الآن في العمق الصومالي, ولا قرارات تصدر بشأن وجودها الاحتلالي التي دعاها إليه قوى لا تتمتع بالشرعية لا القانونية ولا الشعبية في الصومال، وهي حالة تماثل حالة الأقلية اللبنانية التي ارتضت من قبل الوجود السوري في أراضيها والذي حظي بقبول دولي وإقليمي إلى أجل، سبق مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في فبراير قبل الماضي، مع إصدار قرار 1559مجلس الأمن والقاضي بمطالبة " جميع القوات الأجنبية الباقية بالانسحاب من لبنان." في أكتوبر من العام قبل الماضي، وتسارعت وتيرته مع اغتيال الحريري، فما الفارق الذي يراه ما يسمى المجتمع الدولي بين حالتي الصومال ولبنان، سوى أن الحالة الصومالية حدث فيها التوغل الإثيوبي متماهيا مع الرغبة الأمريكية في لجم اتساع نفوذ المحاكم الشرعية وبسطها الأمن في ربوع الصومال والمضي بطريق استقلال تلك الدولة المنكوبة بموقعها وبجيرانها وبمحتليها عن التبعية لأي نظام دولي أو إقليمي، فيما الحالة اللبنانية كانت القوات السورية تتواجد دونما رغبة من الولايات المتحدة الأمريكية ـ على الأقل في السنوات الأخيرة ـ فكان العمل على رحيلها مؤرقاً لهذا "المجتمع الدولي" لم يتعبد له طريق إلا بعد أن فارق آخر جندي سوري الأراضي اللبنانية.
وما بال مجلس الأمن الذي سارع بإصدار القرار 1701 لتحقيق هدنة سريعة كانت "إسرائيل" راغبة في تحقيقها لاستجماع قوتها ومراجعة خططها الحربية في العدوان على لبنان، لم تبد عليه أمارات الحماسة لإنجاز الشيء عينه في الصومال؟
ثم، ما السر وراء كون بعض القرارات الدولية لها قوة تداني بين تاريخ الإصدار وتاريخ التنفيذ لحد أقل من أسبوع كما في القرار 1701 بينما لا تحظى القرارات الأخرى بهذه القوة ولا حتى بهذا الحضور؟! المفارقة ليست فقط في الإجابة وإنما كذلك فيما بين هذين القرارين 1559،1701، ثمة 142 قراراً بينهما هل يحس منهم من أثر أو يُسمع لهم ركزٌ؟!