أنت هنا

"شعب" في الملاجئ !!
3 رجب 1427

ما تأتي حركة أو تُرى من سكنة لليهود إلا دلت على شدة تعلقهم بالحياة.. أي حياة، ولو كانت في الجحور والملاجئ.. ستراهم كما عهدتهم جبناء }ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون { [البقرة 96].
إن الفرَق من الموت والرعب من العقاب الرباني على الجرائم التي يدرك اليهود أنهم ارتكبوها حقيقة ولو خادعوا العالمين و"الأمميين" بخلاف ذلك، والرغبة في الاستماع بالحياة لأنها منتهى لذاتهم وشهواتهم, دافع لقطاعات شعبية كبيرة من هذه الفسيفسائية القومية المسماة بإسرائيل والتي لا يجمع بينها إلا يهوديتها وعشقها للحياة, لأن تؤوي إلى الجحور متى سمعت هيعة حرب أو صافرة إنذار.. لا بل قبل أن تسمع صافرات الإنذار، لا لأن أجهزة الرصد ـ غائبة الوعي ـ لا تنطلق إلا بعد أن تنفجر الصواريخ في المدن المحتلة, وإنما لأن الجبن سيد لدى القوم، فمتى سمعنا أن الفئران تنتظر صافرات الإنذار!!
"شعب الملاجئ" هذا, ليس وجوده دليلاً على احتفاظ هذا الكيان الغاصب بأنظمة أمنية عالية، ولا دليلاً على أهمية روح اليهودي لدى بني دينه، بقدر ما هي أصدق شاهد على قول عظيم صادق لا يتبدل ولا يتحول مهما مضت به القرون }ولتجدنهم أحرص الناس على حياة{ , إنها طبيعة تحكي عن شخصية مضطربة المشاعر والأحاسيس فضلاً عن خستها, تسوق لنا آخر إحصائية صادرة صباح اليوم أن 88% من أبناء هذا الكيان يؤيدون استمرار العدوان على لبنان وفلسطين, وهم في ذات الوقت مرتعدو الفرائص ذائغو العيون محبوسون في جلودهم..
أطلق البصر في دول العالم هل تشعر بهذا التلازم العجيب بين الدموية العاشقة للون الدم ولو أريق من وجه البتول وغيرها من الأطفال في لبنان وغزة، والرعب والمفضي إلى قضاء الليل والنهار في ملاجئ ضيقة تحت الأرض في حيفا وصفد ونهاريا وغيرهم.. عشق شديد لموت الآخرين وحياة الذات.. ثم ارجع البصر مرتين ستجد حالة فريدة في الأمم، هل سمع العالم عن "بلد" تبني ملاجئ تتسع لنصف "السكان" وتستطيع أن تستوعب أكثر، وليس العجب أن يجبن "الشعب" بل العجب أن توجد في لاشعور "النظام" أنه ملزوم بأن يؤمن هذه المساحات الهائلة من الملاجئ لـ"مواطنيه" وأنه إن لم يفعل ذلك سيكون مقصراً أيما تقصير!! فمربط الفكرة هنا أن هذا الحرص على الحياة معلوم من صفات اليهود وطبائعهم بالضرورة بحيث لا يلتفت إليه أحد كونه من الأمور العادية جدا في المسلك اليهودي، فكيف إذن يذعن "الجيران" لرغبات هؤلاء الجبناء وكيف يتأمل العالم خيراً وهو قد أرخى لجامه لهؤلاء وأناخ لهم راحلته!!
ذات يوم رأي المسلمون الروم يقيدون جنودهم بالسلاسل مخافة أن يهربوا في المعركة فقال قائلهم "نصرنا"، وبالفعل كانت معركة "ذات السلاسل" شاهداً على أن حبل الاستقواء قصير، وسحر المادة والعتاد زائل ومكر أشباه الرجال بائر.. وإن على المسلمين أن يسرجوا مشاعل الطريق من هذا المشهد وأخواته، لتزداد أرصدة إيمانهم بقوة حقهم ولجلجة باطل الآخرين، }والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون{.