أنت هنا

حماس تعلِّم الأمريكان والصهاينة معاملة الأسير
11 جمادى الثانية 1427

يشدد قادة حماس في الداخل والخارج على ضرورة معاملة الجندي الصهيوني الأسير معاملة حسنة, فقد شدد (رئيس الوزراء الفلسطيني) إسماعيل هنية كثيراً على ضرورة معاملة (الأسير الصهيوني) جلعاد شليط بما يفرضه عليه ديننا القويم, ودعا غير مرة آسريه إلى الإبقاء على حياته, وقال (نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) د.موسى أبو مرزوق " أن معاملة الجندي الإسرائيلي الأسير حسنة, وتليق بما يفرضه ديننا "..
في نظر العالم غير الحر تظل حركة المقاومة الإسلامية منظمة إرهابية, وبالأكيد لم يقرأ الآسرون بنود اتفاقية جنيف لمعاملة الأسرى, ولم يوقع قادتها عليها, لكنهم قرؤوا قول الله _عز وجل_ "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)" [الإنسان] "قال ابن عباس: كان أسراؤهم يومئذ مشركين. ويشهد لهذا أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء، وهكذا قال سعيد بن جبير، وعطاء، والحسن، وقتادة."[ ابن كثير ج 6 ص 288 ], فيكفي الصهاينة والأمريكيون أن يبلغهم أن الآسرين يعاملون الأسير معاملة تليق بما يفرضه عليه دينناً الإسلامي الرحيم ليطمئنوا إلى أن القوى الفلسطينية لا تعاملهم بأسلوب يناظر خستهم وخبث طويتهم, لأن المسلمين الحقيقيين على مر التاريخ هم الأعلى شأناً دوماً والأرقى تعاملاً والأجدر أن تسود أخلاقهم وترتفع رايتهم وعقيدتهم فوق كل الرايات والعقائد التي لم تفلح في خلق نموذج أخلاقي يحتذى أو يحق لمنتسبيه أن يفخروا لا بأدبياته ولا بتطبيقاته, حتى وإن توهموا يوماً أنهم هم العالم الحر المتحضر, وأنهم حازوا قصب السبق في تعاليم المدنية, أولم يكفهم أن المسلمين في أشد الظروف وأصعبها يطبقون آخر ما أوصى به نبي الله _صلى الله عليه وسلم_: "الصلاةَ وما ملكت أيمانكم", فيما تتوالى فضائح وجرائم "العالم الحر" كل يوم..
الآسرون لم يقرءوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكنهم قرؤوا سورة الإنسان, وتعلموا منها أن إيثار الأسير في الطعام على نفوس آسريه وهم بأمس الحاجة إليه هو قربة وصدقة تقيهم يوماً شره مستطيراً وتمنحهم عيناً عند خالق الكون والسماء في جنات النعيم. يقول الألوسي: "والآية بناءً على سبب النزول دليل على جواز دفع الصدقة للكافر وهو في غير الواجبة أمر مقرر" [الألوسي 2 ص 369].
أسيرهم رغم كل جرائمهم بحق المسلمين المرابطين في فلسطين وغير فلسطين يلقى معاملة حسنة ـ طبقاً لقادة حماس ـ, لم تثن الفصائل الثلاث الآسرة عن حسن المعاملة أن خطف الصهاينة أمس وأول من أمس فتاتين هما شيرين حسن أبو كامل (25 عاماً) من بيتها في حيّ "الكركفة" في بيت لحم, ونيفين خليل دقة (25 عاماً) من بيتها الواقع في وادي أبو سعدى في بيت ساحور, ولا آلاف الأسرى الذين يلقون معاملة مهينة في سجون الصهاينة..
أما "العالم الحر" فليخسأ فلن يعدو قدره, وزعيمته الأمريكية تضع النساء والأطفال والشباب بالسجون والمعتقلات التي أقل ما يقال عنها أنها مستنبتة للانتحار وأقصى ما يقال عنها أن مجزرة للمناوئين.. وفي تلك المساحة لا يسأل أحد عن التعذيب وفنونه التي صدرها "العالم الحر" للعالم الإسلامي إذ لم يكن يعلم من خبائثها ما سيق إلينا عبر الأطلسي وشمال المتوسط.
إن "العالم الحر" يعلمنا من فنون مدارس أبي غريب وجونتانامو وباجرام وغيرها, ونحن نعلمه من فنون القسام وألوية الناصر وجيش الإسلام, والمقارنة موجعة بالأكيد لـ"العالم الحر". شر إلينا وخير إليه, بل يزيد الشر انسحاقاً كلما مرت القرون على "العالم الحر", فبنو إسرائيل الذي نزل القرآن يوبخهم : "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)" [البقرة] ( تفادوهم: أي تبادلوهم) يقول الإمام البغوي: "فكأن الله _تعالى_ أخذ عليهم أربعة عهود: ترك القتال، وترك الإخراج، وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم، وفداء أسراهم، فأعرضوا عن الكل إلا الفداء" [البغوي ج 1 ص 188 ] هؤلاء الموبَّخين في كتاب الله قد انسحقوا إلى درك أدني منزلة الآن؛ إذ لم يكتفوا بهذه السخافة بل فرطوا حتى في الأخيرة, حيث الفداء تركوه واستخفوا بدم أسيرهم وجعلوا يدكون الأرض دكاً تحت أقدام الآسر والمأسور!!
على "العالم الحر" إذن أن يطأطئ الرأس ويصيخ السمع ويفتح دفتره ويمسك بقلمه ليدون عن المسلمين فنون الاحترام..