أنت هنا

الزواج المؤقت بحصول الإنجاب
23 جمادى الأول 1427
اللجنة العلمية

وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول:
أن تبدي امرأة رغبتها في الزواج من رجل تنتهي العلاقة بينهما متى تحقق لها الإنجاب إذ إنها لا تريد استدامة هذا الزواج غير أنها لجأت إليه رغبة في الولد بداعي الفطرة الدافعة للإنجاب أو خوف من ضياع ثروتها، ولا يستقيم أمرها باستدامة العيض مع هذا الرجل 89 عقود الزواج المستحدقة وحكمها في الشريعة، د. وهبة الزحيلي ص 14.

المطلب الثاني: الفرق بينه وبين الأنكحة الأخرى، المتعة، العرفي، والسر.
1 – الفرق بين الزواج بقصد الإنجاب وبين زواج المتعة: نكاح المتعة أن يتفق رجل مع امرأة على زواج مؤقت بلفظ المتعة أو الاستمتاع مدة أسبوع أو شهر مثلاً، أما الزواج بقصد الإنجاب فهو أيضاً زواج مؤقت لكن بعد تحقق الغرض منه، وهو الإنجاب فبقاء العقد مرتبطاً بحصول حدث وهذا الحدث لا يرتبط بتاريخ فالفرقة في هذا النكاح مرتبطة بحصول الإنجاب الذي قد يتأخر شهوراً.

2 - وإذاً فبين هذين النوعين من الزيجات اتفاق من وجه وهو أن نكاح المتعة تنتهي فيه العلاقة بمضي المدة المتفق عليها والزواج المؤقت ينتهي بتحقق الغاية وهي الإنجاب، فالمدة في هذا الأخير غير مقيدة بتاريخ معين، وزواج المتعة هذا محرم باتفاق أئمة أهل السنة الذي حرمه المصطفى صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة للهجرة، وأكد تحريمه في حجة الوداع، ولم يقل بصحة التعامل به إلا الشيعة الأمامية، وهو بلا شك نكاح باطل لا يترتب عليه ثبوت العدة ولا النفقة للمرأة لا الميراث ولا يثبت فيه نسب، ولأن في المنع منه صيانة للمرأة عن العبث والضياع، إذ إن المقصود من الزواج الاستمرار والاستقرار، وغض البصر، وتحصين الفرج، وحصول الإنجاب وهذه المعاني السامية والغايات النبيلة لا تتحقق في زواج المتعة.
3 – الفرق بين النكاح المقصود فيه الإنجاب وبين نكاح السر: إن النكاح الأول يقع ظاهراً مشهوراً قد تحقق إعلانه وإذاعته، إذ إن ظاهره نكاح مستقر كسائر الأنكحة، غير أنه ينتهي بحصول الإنجاب على ما جرى عليه الاتفاق.
أما نكاح السر فحقيقته أنه غير مقيد بزمن ولا بحدث، ولكن شابه العيب والخلل للتواصي بكتمانه وإخفائه وجعله سراً مكتوماً، ولا ريب أن الفرق بين النكاح والسفاح هو الإعلان والإظهار، أما جعل النكاح سراً فيشبه السفاح فيكون محرماً.

4 – الفرق بين النكاح المنتهي بالإنجاب والنكاح العرفي: النكاح العرفي يأتي في صورة عقد مقصود به الدوام والاستمرار حيث إنه يتم بالتراضي وحضور ولي وشهود، ويجري فيه الإيجاب والقبول ويثبت به المهر، وسائر الحقوق المالية، غير أنه قد يوثق في أوراق ليس لها صفة الثبوت في الدوائر الحكومية، أو مواجهة الكافة، وهذا بخلاف النكاح المقصود به الإنجاب حيث ينتهي بتحقق الغرض منه، ولكنه يأخذ مظهر العقد الشرعي من حصول التراضي والشهود، والولي، والإيجاب والقبول، والتوثيق في السجلات الحكومية.

المطلب الثالث: حكم النكاح بهدف حصول الإنجاب:
حتى نتبين حكم هذا النكاح لا بد من التفريق بين صورتين:
الصورة الأولى: أن يجري الاتفاق على الفرقة في صلب العقد بعد الإنجاب، وهذه الصورة تجعل هذا العقد صورة من صور نكاح المتعة فيكون باطلاً عند الفقهاء.

أما الصورة الثانية فهي: إذا حصل التواطؤ على الفرقة في صلب العقد فهنا جرى الخلاف بين الفقهاء، فمن قائل أن العقد صحيح، ولا يؤثر فيه الاتفاق على الفرقة قبل العقد ونسب هذا للحنفية وبعض الشافعية، ومن الفقهاء من يذهب إلى أن العقد لا يعد صحيحاً لأن الشرط المتقدم كالمصاحب للعقد؛ لأن القصود في العقد معتبرة.

وإن كان اشتراط الفرقة بعد الإنجاب شرط معتبر ونافذ عند بعض العلماء إذ إن الرغبة في الإنجاب غرض صحيح ومقصود عند أحد المتعاقدين لأنه يحق له مصلحة عظمى فيشبه اشتراط المرأة ألا يتزوج عليها، ألا يسافر بها أو ألا يخرجها من بيتها، أو أن ينفق على أولادها فهذه شروط صحيحة يثبت للمرأة الحق في الفسخ عند عدم الوفاء بها.

إن الذي يظهر لنا أن هذا النوع من الزيجات يدخل في نطاق الزواج المؤقت فيكون محرماً لأنه يشبه نكاح المتعة، ونكاح محرم؛ لأنه يشبه نكاح المتعة، ونكاح المتعة محرم باتفاق أهل السنة.
ومثل هذا الزواج المؤقت ينافي مقصود الشارع ويناقضه ولذلك يحرم وإن وقع فالعقد صحيح مع بطلان الشرط.