أنت هنا

دراسة أحاديث نكاح التحليل
23 جمادى الأول 1427

علل الأحاديث المذكورة في الدراري للشوكاني:
1 – ورد في مسند أحمد ومسند إسحاق وأبي يعلى وشرح السنة للبغوي:
من طريق عبيد الله ابن عمر الرقي عن عبد الكريم الجزري عن أبي واصل عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلل والمحلل له".
أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وصححه وأيضاً صححه ابن القطان وابن دقيق العيد.
وشرح الحافظ بن حجر إسناده ورجاله ثقات – رجال مسلم غير أبي واصل وهو مجهول كما قال الحسيني ونقل الشيخ الألباني عن الحسيني قوله لم نحصل على ترجمة أبي واصل.

2 – أخرجها عبد الرزاق من طريق معمر عن الأعمش عن عبد الله – مرة عن الحارث وهو الأعور عن ابن مسعود.
وهذا فيه الحارث بن عبد الله الأعور وهو ضعيف وقد اتهم ورمي بالرفض وقال الشعبي إن الرافضة ديدنهم الكذب.
وطريق عبد الرزاق ليست عن ابن مسعود بل لعله عن علي بن أبي طالب من طريق الأعور (الحارث) ضعيف في روايته عن علي.

قال الألباني:
والمحفوظ هو عن علي.
وحديث علي أخرجه أحمد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وعبد الرزاق وأبو يعلى والبيهقي وغيرهم من طريق الشعبي عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه والحارث ضعيف.

3 – وروي هذا الحديث من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله وعن الحارث عن علي رضي الله عنه.
ومجالد ليس بالقوي – قال الترمذي قد ضعفه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل والنسائي وأبو داود وابن ماجة وعلة مجالد أكبر علة لأنه ليس بالقوي(1).

4 – حديث عقبة بن عامر:
من طريق يحيى بن عثمان بن صالح عن أبيه عثمان بن صالح عن الليث بن سعد عن مشرح بن هاغان عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: هو المحلل – لعن الله المحلل والمحلل له".
وقد أعلت هذه الرواية بيحيى بن عثمان [صدوق رمي بالتشيع ولينه بعضهم] وهو مرسل – وأنكرها يحيى بن عبد الله بن بكير إنكاراً شديداً وقال:
لم يسمع الليث من مشرح بن هاغان شيئاً ولا روى عنه شيئاً وإنما حدثني الليث بن سعد بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو زرعة:
والصواب عندي حديث يحيى بن عبد الله بن بكير.
وحكى الترمذي عن البخاري أنه استنكره.
وقد حسن البخاري حديث أبي هريرة "لعن الله المحلل والمحلل له".
وقال إسناده حسن.

وأخرج الحاكم والطبراني من حديث عمر أنهم كانوا يعدون التحليل سفاحاً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة والتابعين والفقهاء وفي هذا دليل على تحريم التحليل لأنه لا يكون اللعن إلا على فاعل المحرم والنهي يقتضي فساد العقد.

والنهي على إذا ما وقع شرط أنه نكاح التحليل لكن الشعبي قال لا بأس بالتحليل إذا لم يأمر به الزوج وقال الليث بن سعد إن تزوجها ثم فارقها ترجع إلى زوجها وهذا يوافق قول الشعبي ضمناً وبالمعنى أي باختياره دون طلب الزوج.
وذكر الحسن والنخعي إذا هم أحد الثلاثة الزوج والزوجة والمحلل (الزوج الثاني) الذي أراد تحليل المرأة دون علمهما فقد فسد العقد وسماه الحسن مسمار نار الحدود أي أن المسمار الذي يثبت الشيء المسمور كناية عن تثبيت المرأة لزوجها الأول.

وعلى العموم:
الزواج بالمطلقة بقصد تحليلها مع علم الزوجين يفسد العقد لكنه إن أراد إمساكها فقد حلت له إذا طلقها وهو معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (البقرة: من الآية230).
والذي يجب أن نعرفه أن نكاح المتعة قد أبيح يوماً ما في صدر الإسلام ثم نسخ أما التحليل لم يبح قط.. والله أعلم.
ونرى قول الشعبي صحيحاً إن شاء الله إذا لم يعلم الزوجان وإن كان هناك وزر فعلى الزوج الثاني (المحلل).. والله أعلم.

________________
(1) انظر الإرواء (ج6/308).