أنت هنا

خواطر في الساسة والسياسة
6 صفر 1427
(1) حماس وفلسطين


فرحنا لنجاح منظمة حماس في الانتخابات الأخيرة في فلسطين، وليس مهماً أن تتسلم (حماس) السلطة، ولكن المهم أن الشعب الفلسطيني أحسن الاختيار، وعرف من يمثل مصالحه ومطامحه، لقد سئم هذا الشعب ممن يستغلون المناصب لأهوائهم الخاصة وبناء (الفلل). الشعب يريد أناساً نظيفي اليد في المال والحكم، ومن المعلوم أن بعض الناس ممن يختارون الإسلاميين كما وقع في تركيا أو مصر إنما يريدون سياسيين لا ينهبون المال العام.

فرحنا لهذا وفي الوقت نفسه تخوفنا من أن تجر حماس لمطبات سياسية كبيرة كالاعتراف بالوجود الإسرائيلي، أي حقها في أرض فلسطين، وليس وقف القتال كهدنة سواء كانت طويلة أو قصيرة، ونتمنى ونتوقع أن تكون حماس على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها، وهي مسؤولية كبيرة لا شك في ذلك، كما نتمنى أن لا تُدْخِل حماس (الدبَّ على الكَرْم) كما يقال، وذلك عندما تعلن تحالفها مع الباطنيين الذين نعلم علم اليقين أنهم لا يريدون خيراً لهذه الأمة، وكل رأسمالهم الحقد والأضرحة لتكون (مسمار جحا) وحصان طروادة للدخول إلى البلد، ومن ثَمَّ توزيع الأموال وإضلال الناس، فما فائدة الأوطان إذا ضاع الإيمان، وإذا تعارض الدين والسياسة فالمقدم هو الدين، وفي قصة موسى _عليه السلام_ مع أخيه هارون _عليه السلام_ عبرة، فعندما عاتب موسى أخاه كيف ترك بني إسرائيل يعبدون العجل قال له هارون: خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل، ولكن موسى _عليه السلام_ لم يعذره في ذلك فالتوحيد أهم من تفرق بني إسرائيل.
قال _تعالى_: " قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي" (طـه:92-94).
إن الأوطان تجمع الأبدان، وإنما الذي يجمع الأرواح ويؤلفها هو الدين، فلا يلتمس الخير عند أهل الشر.


(2) العراق


إن ما يجري في العراق في هذه الأيام ليس كارثة ولا مأساة، بل همجية ووحشية تذكرنا بالقرامطة الذين ذبحوا الحُجَّاج عند الكعبة، ويقول زعيمهم – لعنه الله – يخاطب الله: أنت تخلق وأنا أفني، وقلعوا الحجر الأسود من مكانه وأخذوه معهم إلى (هَجَر).

إن ما يجري يجب أن يحرك الجيران، ويتحسسوا الأخطار ويوقفوا تصفية أهل السنة، حتى لا يصلوا إلى يوم يقولون فيه: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض، فالخطر حقيقي وليس بالهزل، أم أن الحياة المادية التي نحياها والتغيرات التي طرأت على حياتنا الاجتماعية تجعلنا نفضل وقوع الكارثة في وقت آجر على القبول بالتضحية المطلوبة الآن؟ أم شعورنا بأننا آمنون، مرتاحون، وكل شيء يسير على ما يرام يمنعنا من التنبه للقادم من الأحداث التي نتمنى ألا تقع.


(3) الحرية كما يقدرها الغرب


لم تعتذر الدنمارك، ولم يعتذر الغرب اعتذاراً واضحاً لا لبس فيه عندما رسمت جريدتهم رسوماً مسيئة للرسول الأعظم _صلى الله عليه وسلم_، ولكن على طريقتهم في لَيّ الكلام وتحريف الكلام والصياغة الدبلوماسية ذات الوجوه قالوا: نحن لا نريد الإساءة للإسلام ولنبي الإسلام ولكن عندنا صحافة حرة ولا نستطيع أن نمنعها.

لو كان هذا الكلام صحيحاً وينطبق على الجميع لقلنا: هذا هو الغرب وهذا دينه الرقيق تجاه جميع الأنبياء والأديان ولكن الأمر ليس كذلك، فهناك قانون في بريطانيا يجرم (الهرقطة) والاستهزاء بالمسيح عليه السلام، وملك بريطانيا هو رئيس الكنيسة الرسمية، وفي هولندا يشترط كون الملك بروتستنتياً، وقد فصل عمدة لندن عن عمله لمدة أربعة أسابيع لمجرد أنه اتهم صحفياً يهودياً بأنه يشبه النازيين الذين ينفذون الأوامر دون تفكير، وحكم على المؤرخ البريطاني (ديفيد إيرفنغ) بالسجن لمدة ثلاث سنوات لمجرد أن أعلن أن عدد قتلى المحرقة النازية أقل من العدد المعلن، وانتقص من أهمية المحرقة وتاريخها.

من الواضح أن الغرب يشعر بالكِبْر والعناد أن يعتذر للمسلمين، ولذلك يجب ألا يكتفي المسلمون بالحوار مع الغرب حول هذه المسألة، بل الأهم من هذا هو المطالبة بوضع قانون يجرم الإساءة إلى الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وإلى جميع الأنبياء.