23 ذو الحجه 1428

السؤال

قصتي بدأت منذ أن نويت أن أتزوج، حيث إني اخترت ابنة عمي زوجة لي، وتزوجت منها ولله الحمد بدت حياتنا جميله تعلوها الحب والسعادة، وبعدها أصبحت تتغير تدريجيا إلى الأسوأ؛ ذهب الحب وبدأت المشاكل تكثر مع أنها أحسن أخواتها حظا وأكثرهن وفرة في المال وأنا لم أبخل عليها بشيء.<BR>زوجتي امرأة طيبة لا تحب المشاكل ولا تتصنعها، لكن أهلها هم من يريد المشاكل وأصبحت حياتنا كلها مشاكل. أصبحت أرتاح إذا تركت البيت. أهلها لم يتركوننا في حالنا: في يوم العيد الماضي وبعد أن فرغنا من زيارة أهلها قمت من النوم الساعة الثانية عشرة ليلا فلم أجدها. بحثت عنها في البيت فلم أجدها. اتصلت على أختها وأظنها مَنْ دَبَّر لزوجتي الخروج فردت بصعوبة وحين سألت عن زوجتي ردت علي برد كان بمثابة الصفعة في وجهي إذ قالت أن أختها قد جاء من يأخذها من الرياض إلى منطقة عفيف (وهذا الشخص لا أعلم من هو أهو أخوها أو شخص أخر). اتصلت بأبيها صباح اليوم التالي وأبلغته الأمر فلم يبال وقال إنه هو الذي أرسل من يأخذها! أصبحت أفكاري مشتته! لا أعلم ما أفعل هل أطلق أم أصلح؟ ويبقى العائق الوحيد هو ابني، حيث إن لي ولد منها، كيف ستكون حياته مع أمه التي لم تحفظ زوجها، كيف تحفظ ابنها؟ أرشدوني بارك الله فيكم.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

الأخ الفاضل: نشكر لك تواصلك مع الموقع وثقتك بالقائمين عليه.. ونسأل الله لنا ولك التوفيق.. لا تتوقع أبدا – أخي الفاضل - وجود حياة زوجية مثالية تماماً وخالية من المنغصات، فكثيرا من البيوت لا تكشف للآخرين عن أسرارها، وهذا لا يعني خلوها من المشكلات أو المشاحنات. فعليك أن تدرك أولا قبل أن تبحث عن الحل أن الإنسان لا يبقى على حاله ولكنه يتغير مع مرور الأيام. وقد يكون التغيير لكلا الزوجين متشابهاً. أو يكون التغير لأحدهما أكثر من الأخر وقد يكون التغيير لكل منهما في اتجاهين متعاكسين. فعليك أن تبحث أولا عن أسباب التغيير الحقيقية ولا تعلق كل شيء على تدخل الأهل، فالمرأة التي تحب زوجها وتشعر بالسعادة والاستقرار معه لن تسمح للآخرين بالتدخل في حياتها إلا إذا كانت لديها أسبابها سواء ظاهرة أو باطنه، فقد يكون التغيير بسبب معاملتك السيئة لها أو عدم احترامها وإهانتك المتكررة لها وعدم الثقة بها أو الغيرة المفرطة عليها، وقد يكون الملل والروتين في الحياة الزوجية هو السبب في هذا التغيير ، وقد تكون لديك بعض الأخلاق أو الصفات التي لا يمكن لزوجتك أن تحتملها ولم تكتشفها هي إلا بعد مضي مدة زمنية من عشرتها معك، ومن هذه الصفات عدم الشعور بالمسؤولية, أو عدم القيام بالالتزامات الأسرية, أو العصبية الزائدة أو البرود واللامبالاة بها أو باحتياجاتها، وغيرها... وقد يكون السبب في هذا التغيير هو عدم وجود الرابط العاطفي بينكما أو عدم الإشباع الجنسي لها وإن بدا عكس ذلك في بداية الزواج. لذا.. عليك أن تختار الوقت والمكان المناسب التي تكون زوجتك فيه في أفضل حالاتها النفسية خاصة تجاهك ولا تختر الوقت الذي يكون بينكما أي خلاف ولو بسيط ويا حبذا لو استطعت مناقشتها في الموضوع عندما تكون في قمة حبها لك وسعادتها بقربك وعشرتك، عندها يمكنك أن تحدثها بهدوء وعليك أن تتخير الألفاظ المناسبة التي لا تجرحها بها والتي تستطيع من خلالها أن تبين حبك لها وحرصك على أن تستمر حياتكما في سعادة وسرور بشكل مستقل دون تدخل أحد.. حدد مشكلتك لها وأخبرها عن حقيقة شعورك وضيقك من تدخل أهلها في أموركم الشخصية. حاول أن تجلس مع زوجتك جلسة ودية هادئة ودعها تفتح قلبها لك وتخبرك عما تشعر به من ضيق وعن أحاسيسها ومشاعرها، فقد يكون الحل في ذلك. اسألها عن سبب لجوئها للآخرين، دعها تنفس عن جميع ما بداخلها واستمع إليها بهدوء وانتظر إلى أن تفرغ شحنتها تماما. وعندما تهدأ قليلا حاول أن تظهر لها اسفك وحزنك على ما حدث وعلى ما وصلتم إليه.. وان كنت مقصرا فاعترف بتقصيرك واعتذر عن خطئك وعدها بأنك لن تكرره مرة أخرى. ذكرها أنها لا يصلح أن تعالج الخطاء بخطأ اكبر منه، فإذا كنت أنت قد أخطأت في نظرها فلا يصح أن تعالج ذلك الخطأ بأن تخطئ هي أيضا. فالزوجة يجب أن تصون بيتها وتحافظ عليه. عندما تتحدث معها حاول ألا ينقطع الحوار بينكما فعملية التنفيس هذه كفيلة بأن تغسل كل ما قد يوتر النفوس أو يقلقها، أما الكبت فإنه يزيد من حدة الخلاف. وللأسف أن هذا هو الخطأ الذي يقع فيه الزوجان فعندما لا يقوم الزوجين بمصارحة بعضهما بمشاكلهما الزوجية لن يتمكنا من التخلص من أي رواسب سلبية قد تعلق في النفس وقد يجعل المشاكل تتراكم الواحدة تلو الأخرى إلى أن تتفاقم وتكبر . لذا لابد من مواجهة المواقف أولا بأول وتوضيح وجهات النظر وخلق حوار هادئ متحفظ حتى يتسنى لكل من الزوجين معرفة أو اكتشاف أي أمر طارئ قد يكون سببا في تهديد سلامة الصفاء الزوجي بينهما. وعلى كلا الزوجين أن يحرصا على رفع شكواه وما يشعر به من معاناة أو ضيق إلى شريكه بعبارات واضحة ونبرة تحمل الود والحب للطرف الآخر ومحاولة حلها قبل أن تتضخم فتكون سببا في هدم الحياة الزوجية. لا تصمم دائما على صحة موقفك فليس من العيب أن يعترف الإنسان بخطئه. فالاعتراف بالخطأ هو احد مؤشرات النجاح لقيام أو الاستمرار في علاقة سليمة ومستقرة بين أي زوجين. إذا اكتشفت إن بعض تصرفاتك أو طباعك هي السبب في نفور زوجتك أو استيائها منك ولجوئها للآخرين وأنها محقة في ذلك فينبغي عليكِ: * أن تعيد النظر في تصرفاتك وسلوكك وأسلوبك.. * حاول إيجاد حل يرضي جميع الأطراف * عليك أن تكون أنت القدوة لزوجتك فلا تحاول أن تدخل أي أحد من أطراف أسرتك لحل أي مشكلة لديك، فقد تكون زوجتك تتبع نفس سياستك. * عليك دائما الاعتماد على الله ثم على عقلك في إيجاد الحلول المناسبة لجميع مشاكلك الزوجية وذلك بالتفاهم مع زوجتك في ما يواجهكم من مشاكل وأن تحاول تقريب وجهات النظر بينكما،فذلك سيكون أنفع لكم وأجدى . قد تكون زوجتك متأثرة بآراء من هم أكبر منها سنا من أقاربها وتعتقد أن مصلحتها في ذلك، وللأسف أن الطرف الآخر وهم الأقارب يسيئون استخدام هذه الثقة الممنوحة لهم ويعتقدون أنها حقا من حقوقهم فيدلونها على ما هو صواب من وجهة نظرهم وهو في واقع الأمر عكس ذلك بل قد يؤدي إلى انهيار وتفكك الأسرة كما هو الحال لديك الآن، لذا عليك أن تجتمع مع أهل زوجتك خصوصا والدها وأعمامها أو أخوالها ذوي العقل الراجح والحكمة وتناقش معهم الأمر وتوضح لهم أن ما يفعلوه ليس في مصلحتكم وأن الأمر قد تجاوز الحدود وأنك لن ترضى بحكمك أنت الرجل المسئول عن هذه الأسرة لن ترضى بمثل هذه التصرفات وأنهم إن استمروا على ذلك فإن خير سبيل لكم لكي لا تتفكك روابط الرحم الانفصال ودع القرار لهم في ذلك، فإذا كانوا حريصين على أن تستمر الأسرة سيتفهمون الوضع وإلا فالانفصال هو الحل الأجدر بكما لكما قبل أن يزيد عدد أفراد الأسرة وتضيع عليكما الأيام وأسأل الله أن يعوضك بزوجة أخرى خيراً منها صالحة مصلحة تعرف ما هي حقوق زوجها وبيتها. عليك أن تحدد موضع النزاع وتركز عليه , ولا تحاول أن تخرج عن صلب الموضوع بذكر أي أخطاء أو تجاوزات سابقة, أو فتح ملفات قديمة لكي لا يتوسع نطاق الخلاف ويضيع الموضوع الأصلي. اترك الفرصة لجميع من لهم دخل في المشكلة أن يتحدث عن المشكلة حسب فهمه لها, واستمع إلى وجهة نظره. لا تحاول أن تذكر مساوئ الطرف المعني (الزوجة أو الأهل) فقط عندما تبدأ في الحوار بل عليك أن تذكر أفضال وحسنات الطرف المعني فهذا كفيل بأن يقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس. حاول أن تراجع نفسك وتحاسبها لتعرف مدى تقصيرها مع ربها وحاول أن تبتعد عن الذنوب والمعاصي , فقد تكون هي السبب في إعراض زوجتك عنك وفي هذا الابتلاء الذي تعاني منه الآن. عليك بالصبر والعمل والدعاء والاستعانة بالله في أن يصلح الله الحال وأكثر من الاستغفار . عليك أن تبني قرارك بالمواصلة أو الانفصال على عدة نقاط: هل زوجتك محافظة على صلاتها؟ وكيف هي علاقتها بربها.. فهذا سيدلك على الخير الموجود في قلبها فعلا وعلى صحوة ضميرها . هل تحس أن لديها القابلية للتغير أو أنها متمسكة ومصرة على ما تفعله؟ هل لديها أية بوادر أو علامات للتوبة وإحساس بالندم أم لا؟ هل تحبك زوجتك فعلا وتحرص عليك أنت وطفلها أم أنك لا تعني لها شيئاً؟ عليك أن تلجأ إلى الله بالدعاء أن ينير لك طريقك وبصيرتك في اتخاذ القرار المناسب والاستخارة والمداومة عليها. يمكنك أن تترك لها حرية الاختيار في الاستمرار معك ومواجهة صعوبات الحياة ومواقفها معك وحدك دون أي تدخل من الأقارب إلا في المشورة النافعة التي يقرها كلاكما أو إنهاء العلاقة الزوجية والانفصال إذا كانت لا تزال تصر على موقفها وعلى تدخل أهلها في حياتكما الزوجية. توكل على الله حق التوكل وادعوه وأحسن الظن به ولن يخيبك إن شاء الله. وفقك الله وسددك.