29 ذو القعدة 1426

السؤال

ابنتي بلغت مبكراً، وهي لم تتجاوز العاشرة، وعقلها ما زال صغيراً، فهل يجب عليها الحج فوراً أم تنتظر حتى تنضج. علماً بانها تملك ما يكفي لحجها؟

أجاب عنها:
أ.د. خالد المشيقح

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الأصل وجوب الحج على الفور، وهو قول جمهور أهل العلم _رحمهم الله_ خلافاً للشافعية، ودل لذلك قول الله _عز وجل_: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً" (آل عمران: من الآية97)، وأيضاً ما ثبت من قوله _عليه الصلاة والسلام_ في حديث ابن عباس رواه مسلم: "أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا"، وهذه أوامر والأصل في الأوامر الواردة على لسان الشارع أنها على الفور ما لم يكن دليل على ذلك، وأيضاً النبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول: "من كُسر أو أصابه عرج فقد حل وعليه الحج من قابل"، فقال: "عليه الحج من قابل" فدل ذلك على الفورية، وأيضاً النبي _عليه الصلاة والسلام_ لما حُفر في عمرة الحديبية قضى العمرة من قابل، وقد ورد عن عمر _رضي الله تعالى عنه_ أنه قال: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار ثم ينظروا كل من له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين"، والنبي _صلى الله عليه وسلم_ لما فُرض الحج بادر وحج، وقد فُرض الحج في قول الأكثر في السنة التاسعة على الصواب لقول الله _عز وجل_: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ" (آل عمران: من الآية97)، وهذه الآية التي فيها وجوب الحج نزلت في صدر سورة آل عمران وصدر هذه السورة مرتبط بآية المباهلة وآية المباهلة إنما نزلت في السنة التاسعة للهجرة وهي عام الوفود وفيها قدوم وفد نجران، وإنما أخر النبي _صلى الله عليه وسلم_ الحج إلى السنة العاشرة لأعذار كثيرة ذكرها العلماء _رحمهم الله_ وأصح هذه الأعذار عذران: العذر الأول أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ احتاج أن يجلس في المدينة لاستقبال الوفود؛ لأن مكة فُتحت في السنة الثامنة فدخل الناس في دين الله أفواجاً فاحتاج النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى أن يجلس في السنة التاسعة عام الوفود وأن يستقبل الناس وأن يبايعهم على الإسلام، هذا عذر، والعذر الثاني: أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أراد أن تتمحض الحجة للمسلمين فإنه قبل العاشرة كان يحج المشرك ويطوف بالبيت عريان فأقام أن يتولى أبو بكر على الموسم وأمره أن ينادي وأردف بعلي بن أبي طالب أن ينادي ألا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان، هذان عذران ثم بعد ذلك بادر النبي _صلى الله عليه وسلم_ بالحج، وإنما أطلت في هذا الجواب؛ لأن كثيراً من الناس يجب عليه الحج وتتوافر له شروطه ثم بعد ذلك يتأخر، وهذا كله لا يجوز وقد ذكر بعض علماء المالكية أنه يفسق وترد شهادته إذا أخّر الحج عن أول سني الإمكان وعلى هذا يجب على ابنتك أن تبادر بالحج وأن تبرئ ذمتها وأن تتمم إسلامها اللهم إلا إذا كان يلحقها ضرر من الحج، فهذا شيء آخر يكون مانعاً حتى يزول عنها الضرر أما إذا لم يكن شيء من ذلك، فالواجب عليها أن تبادر.