12 محرم 1430

السؤال

فضيلة الشيخ : <BR>هل وردت أقوال مختلفة في مسألة الصبغ باللون الأسود، علماً بأنه قد ظهرت حنا مصطنعه باللون الأسود، ويحتج بعض الناس بها بأنها حنا والحنا يجوز الصبغ بها؟

أجاب عنها:
د.عبد الحي يوسف

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد ورد في استحباب تغيير الشيب أحاديث، منها ما أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس _رضي الله عنه_ بلفظ: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم". وعند الترمذي بلفظ: "غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود". وعند أبي داود والترمذي ـ وحسَّنه ـ والنسائي وابن ماجه من حديث أبي ذر _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "إن أحسن ما غُيِّر به هذا الشيب الحناء والكتم". وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عمر _رضي الله عنه_: "أنه كان يصبغ لحيته بالصفرة، ويقول: رأيت النبي _صلى الله عليه وسلم_ يصبغ بها، ولم يكن أحب إليه منها، وكان يصبغ بها ثيابه".
وقد نقل النووي _رحمه الله_ في المجموع اتفاق العلماء على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد، ثم ذكر اختلاف العلماء في القول بالكراهة أو الحرمة، وصحح القول بالتحريم فقال: والصحيح بل الصواب أنه حرام، إلا أن يكون في الجهاد، ودليل تحريمه حديث جابر _رضي الله عنه_ قال: "أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق _رضي الله عنه_ يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: غيِّروا هذا واجتنبوا السواد". رواه مسلم في صحيحه. (والثغامة بفتح الثاء المثلثة وتخفيف الغين المعجمة نبات له ثمر أبيض). وعن ابن عباس _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_:" يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة". رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
وفي المغني لابن قدامة _رحمه الله_: قيل لأبي عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله.
وقد نقل عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصبغون بالسواد منهم عثمان والحسن والحسين وعقبة بن عامر وابن سيرين وأبي بردة وآخرين _رضي الله عنهم_ ، وعلى فرض ثبوت ذلك عنهم فإنه لا ينهض لمعارضة النهي الثابت عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ، هذا ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة والشاب والشيخ؛ لعدم ورود مخصص، والعلم عند الله _تعالى_.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين