25 شعبان 1438

السؤال

نسمع كثيرا عن الفرق بين الواعظ والفقيه، فهل هناك فرق بالفعل بينهما؟ وهل لكل منهما عمل يختص به؟ أم أن للواعظ أيضا أن يفتي بالفتوى؟

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فالوعظ هو الكلام الحسن المنضبط بضابط الشرع الذي يذكر الناس بالله ويوقظ وازع الإيمان في قلوبهم، ويأمرهم بالخير ومحاسن الأخلاق.

 

والواعظ هو القائم بالوعظ، وقد يعظ الواعظ الناس من على المنابر أو في مواقف حياتهم، ووظيفة الوعظ يمكن أن يقوم بها كل مؤهل لها قادر على متطلباتها.

 

وينبغي للواعظ أن يكون عالما بما يعظ، واسع الإدراك، ملما بما يعظ به جمهوره، حسن السيرة والأخلاق، ورعا تقيا، عاملا بما يعظ به.

 

وبخصوص سؤالك:

فإن كل فقيه واعظ، ولذلك فإن الرسول عليه الصلاة والسلام هو أعظم الفقهاء وهو المشرع فكان يعظ كما في الحديث "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة".

 

بل إن الله جل وعلا قال في كتابه: {يَعِظُكُمَ اللَّهُ}، وقد تكرر الوعظ في القرآن من الله جل وعلا لعباده.

 

إذاً فكل عالم وكل فقيه فهو واعظ، لكن هل كل واعظ هو فقيه؟ هذا لا يشترط، لأن هناك وعاظ أكرمهم الله بحُسن الأسلوب والعرض والرقائق وغيرها لكنهم ليسوا فقهاء وليسوا علماء.

 

وهذا من الخلط الموجود الآن عند بعض الوعاظ وعند الناس، فبعض الوعاظ لما يرى الناس تقبل على موعظته يبدأ يفتي؛ ظناً منه أنه أصبح عالماً!

 

وكثيرا ما نرى ونسمع أمثال هؤلاء ممن لم يدرسوا دراسة شرعية، ولم يطلبوا العلم على العلماء، يتصدرون للفتوى بغير علم!

 

أذكر أنني كنت في مجلس قبل قرابة ثلاثين سنة في الرياض وكان في المجلس أحد أشهر الوعاظ، وكان أكبرنا سنا، فسُئل فقال لا أعلم، العلم ليس لي اسألوا العلماء، أما أنا فواعظ، فلله دره، ولذا أقبل الناس عليه بقلوبهم.

 

والعلماء لا يتساوون، فمن العلماء من هو راسخ عميق العلم حاد البصيرة والفهم، ومنهم من ليس كذلك، والعلم لا يكتمل كتأهيل للفتوى إلا أن تصاحبه التقوى والورع {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.

 

والوعاظ يختلفون في القدرة والموهبة والدراية والفهم ومستوى التعلم.

 

وعلى الناس أيضاً ألا يسألوا إلا من هو عالم تقي يخشى الله، ففي صحيح مسلم عن التابعي محمد بن سيرين قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وهو الفقه، وهم الذين سماهم ابن القيم رحمه الله "الموقعين عن رب العالمين"، فالفتوى توقيع عن رب العالمين فليتقوا الله في ذلك.