أنت هنا

اختزال اليمن في أيام ثلاثة
13 ربيع الثاني 1436
موقع المسلم

قبل أن تنقضي المهلة القصيرة التي ضربها الحوثيون للقوى السياسية اليمنية لتحديد مستقبل الحكم في البلاد، والوصول إلى اتفاق حول من يحكم اليمن، صورياً على الأقل، تقف اليمن على الحافة؛ فثلاثة أيام لا يمكنها أن تفي في بلد بحجم اليمن، بتاريخه، وجغرافيته، بقبائله، وقواه السياسية والاجتماعية، بحل معلب سريع يصلح لأن يمنح البلاد استقرارها المنشود من أهلها المنكوبين.

ثار الشباب قبل أربع سنوات على حكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، واستبشر كثيرون باتفاق إقليمي يقضي بتنحيه، لإنضاج حل سياسي عبر الحوار بين القوى السياسية لإدارة مرحلة انتقالية، لكن بعد مرور أربع سنوات من الفشل المستمر، أو بالأحرى، الإفشال المستمر تركت البلاد فريسة للحل الجاهز من الخارج، وهو تسليم شمالها للحوثيين، وقيام الجنوب بدور غامض لكنه مستقر إلى حد ما، في رسم مستقبل اليمن.

لا يسأل اليمنيون كثيراً عن قواهم العسكرية والأمنية التي انهارت دون مبرر يذكر أمام ميليشيات ليست قوية، للحوثيين الموالين لإيران؛ فهم يدركون مدى نفوذ الرئيس السابق علي عبدالله صالح داخل مفاصل الدولة الرئيسة، ويعلمون – دون الحاجة للاطلاع  على تسريبات – بالحلف الذي جمع صالح مع الحوثيين على إرادة خبيثة لقلب الطاولة في وجه الجميع، بمعاونة أمريكية وإقليمية واضحة؛ فالخيانة لا تحتاج للتوقف عندها طويلاً، إذ يطرح الجميع ماضي أيام استيلاء قوات فوضوية على مقرات جيش نظامي في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات، ويتطلعون لمستقبل لا يبدو أن إرهاصاته تقود إلى أي شيء مفهوم أمامهم.

أسئلة تفرض نفسها اليوم من دون إجابة: ماذا إذا انتهت المهلة القصيرة بالفشل – كما هو متوقع – واختار الحوثيون حلهم "الثوري" الخاص؛ أفسيكون حلاً إيرانياً بجدارة؟! أسيكون هناك "مرشد أعلى للثورة الحوثية"، ونظام أشبه بنظام الفقيه في طهران؟! يستبعد الكثيرون شيئاً كهذا، نظراً لطبيعة اليمن المعقدة، لكنهم لا يستبعدون بالمرة أن ترتسم معالم "اليمن الجديدة"، بشكل أكثر اقتراباً في باطنه من هذا الحل/المشكلة من دون أن يبدو كذلك!

يتحيرون: ليس اليمن بالطبع فريسة سهلة للحوثيين، لكن من يقرأ الصحف الغربية المرحبة بهم، ويطالع أخبار مفاوضات واشنطن معهم على أرضية محاربة القاعدة، وكأن هذا هو ما يعني الولايات المتحدة فقط في اليمن! يخشى أن تكون سائر العقبات ستذلل بالتدريج لهم؛ فالثروات الطائلة التي وضعت في حسابات بعض الخونة يمكن أن تتكرر في مناطق أخرى من البلاد، سواء في مناطقها النفطية أو في بعض مناطق الجنوب شبه المستقل الآن.

يخشون من انقسام لشمال وجنوب أو إلى أقاليم خمسة رفضها الحوثيون على خلفية وحدوية، لكنهم قد يقبلون بها إذا ما قادت إلى خروجهم من دائرة صراع طويلة تنتظرهم حال توسيع معاركهم في الجنوب، وافتقارهم إلى ظهير أو مقومات الاختراق الكاملة للجنوب.

يتطلعون إلى الأشقاء في الخليج، لعلهم أدركوا اليوم أن مصالحهم قد باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى، لاسيما مع اختلاف الرؤى اليوم بما يسمح بتغيير في الاستراتيجية أو على الأقل استغلال العلاقات الوثيقة مع قبائل عريقة يمنية لتغيير كفة الصراع.

كثير من الأسئلة لابد أن تتوالد مع غموض الوضع في اليمن الذي تدار اليوم سياسته الداخلية بـ"القصور الذاتي"، بلا رئيس ولا حكومة! فالمهلة قصيرة، ووجهات النظر متباينة جداً، والتفكير يذهب حد تغيير العاصمة إلى عدن لتقليل أثر الحكم الحوثي للعاصمة واستيلائه على مقرات الحكم، والحوثيون بيدهم سلطة، ربما محدودة، لكنها فاعلة، ويمكن لإيران أن تبني عليها أكثر وأكثر.. فقط، إن سمحت الولايات المتحدة لها بهذا، وانكفأ العرب أكثر وأكثر.. فهل يكون؟!