أنت هنا

بأكناف بيت المقدس.. يبعثون الأمل
21 محرم 1436
موقع المسلم

هناك في أقصى الأرض، بعد أن دب اليأس في نفوس كثيرين، يثبتون كل مرة أنهم جديرون بأن يكونوا حفاظاً للمسجد الأقصى قيمين على حمايته ولو كانوا عزلاً.

 

هذا الأسبوع بطوله، المرأة المسلمة في القدس ممنوعة من الذهاب للأقصى؛ فيما اليهود الأغراب مسموح لهم بتدنيسه، أمر مشين بكل تأكيد، لكن من خلفه معنى عميق؛ فحتى المرأة الضعيفة راغمت أنف الجنود والضباط المدججون بالسلاح وصيرتهم فئراناً مذعورة أمام صرخات النساء!

 

كتبنا في هذا المكان قبل فترة متسائلين "هل صارت الدعوة لإنقاذ الأقصى نشازاً؟!" لما لمسناه من تواطؤ من أنظمة عربية وإسلامية عديدة لم تعد حتى تفكر باستنكار الاعتداءات المتصاعدة على الأقصى؛ فما فاجأنا أنه قد بدا أن لسان القوم هو "أريحونا منه وخلصونا، واكفونا هذا الصداع الذي تمثله لنا بعض التظاهرات والاعتراضات.. اهدموه وانتهوا مبكراً فالشعوب قد ماتت، والفرصة سانحة الآن". هذا ما يستشف تقريباً حينما تجد كل الآلة الإعلامية الضخمة للعرب وغير العرب من المسلمين تتجاهل عن عمد هذه المصيبة التي تحل بالمسلمين كل يوم في الأقصى، وكل الساسة على تنوعات اهتماماتهم تتغاضى عن هذه الجريمة .

 

ما تخوف منه المحبون للمسجد الأقصى أنهم نظروا إلى اقتحامات متكررة حدثت خلال الشهر الماضي على أنها تختلف عن سابقاتها بأمرين:

-       كثافتها ووقاحتها الشديدة، حد رقص نسوة صهيونيات على أدراجه وعتباته، والتقاط صور تذكارية للتشفي والتدنيس المتكرر من الجنود و"المستوطنين" و"السياح"، والتعامل العنيف حد إطلاق الرصاص داخل المسجد نفسه وليس في باحته، للمرة الأولى.

 

-       أن لجان القدس وعواصم العرب جميعها تقريباً إما تجاهلت أو اتخذت مواقف شديدة الخجل تجاه ما يحصل، بما يشجع الكيان الصهيوني على المضي قدماً في مخطط هدمه.

 

والمخطط هذا، لم يعد كثيرون يرونه بعيداً، بل بدا أنه دخل الشوط الأخير من تنفيذه، حيث صارت معظم الشعوب إما مخدرة إعلامياً ذاهلة عما يحصل لمسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وإما مقهورة تحت نير أنظمة شمولية استبدادية تفوق في إجرامها أعتى النظم الاحتلالية السابقة في القرون الماضية، وإما مشغولة بهموم تلف أركان دولها كليبيا وسوريا واليمن..

 

رأى الصهاينة أنها اللحظة السانحة، وأن عليهم المضي قدماً وبتسارع في مخططهم الإجرامي، ولكن كان الله لهم بالمرصاد؛ إذ انبعث المقدسيون والفلسطينيون في الضفة منتفضين يقاومون هذا التدنيس والعدوان بكل ما أوتوا من قوة؛ وبرغم تجردهم من السلاح إلا أنهم ضربوا أروع الأمثلة في قدرتهم على شل "الأمن الصهيوني الداخلي" ببثهم الرعب في قلوب قطعان الصهاينة المجرمين، ونشبوا فيهم أظفارهم، بما بين دهس وسكاكين وحجارة ومولوتوف وقطع طرق وإشعال إطارات..الخ بما أخل بقانون جاذبية الصهاينة نحو الإفساد والعدوان فأدركوا أن المعادلة لم تختل بعد، ولن تختل؛ بأولئك الظاهرين المباركين بأرض الشام وبأكناف بيت المقدس، منصورين، مؤيدين بنصر الله ومعيته، غير مضارين بكل متخاذل أثيم.