أنت هنا

ليبيا التي لا يطيقون لها استقلالاً
4 ذو القعدة 1435
موقع المسلم

تعيش ليبيا أحوالاً صعبة وخطيرة في نزاعها من أجل استرداد هويتها واستقلالها من الاحتلال الغربي؛ فالتدخل الخارجي الهادف إلى إعادة نظام القذافي بشكل جديد يبذل قصارى جهده، من ضخ أموال وشراء زعماء قبائل، وتسليح، ثم تدخل عسكري محدود، من أجل إيجاد ذريعة لتدخل أكبر أكثر سفوراً يقتات على ازدواجية سلطة مفتعلة في ليبيا.

 

والصراع بات اليوم ـ كما يقولون ـ على المكشوف؛ فهو ليس صراعاً حزبياً، ولا جهوياً، ولا قبلياً، ولا مذهبياً، إنه باختصار صراع أيديولوجي عميق، بين أصحاب الحل الإسلامي، وبين أتباع العلمانية، والكفة تبدو فيه متكافئة؛ فبرغم الحسم العسكري شبه التام في طرابلس، وكذلك التفوق الواضح في بنغازي، وبقاء الميليشيات العسكرية بقيادة خليفة حفتر المعروف بصلاته الوثيقة بجهاز الاستخبارات الأمريكي في جيوب محدودة منها طبرق التي اتخذ منها "البرلمان" مقراً له، ليكون قريباً من الحدود المصرية، ولكي يعبر عن انحيازه إلى فصيل سياسي علماني، إلا أن موازين القوى في ليبيا أو غيرها لا يقاس بحجم القوات العسكرية على الأرض؛ فالفصائل الإسلامية التي تقاتل ميليشيات حفتر تجابه بانحياز غربي وإقليمي شامل يرغب في عودة ليبيا إلى حظيرة التدجين الغربية التي تتنازل فيها الدول عن هويتها الدينية واستقلالها الوطني، مثلما كانت إبان حكم العقيد معمر القذافي، كما تواجه آلة إعلامية كبيرة في غياب شبه كامل من الطرف الآخر.

 

والواقع أن الصراع لا يتوقف في ليبيا، ولا غيرها، فإذا فقد الغرب وأذنابه وسيلة، لا يعدم أخرى، وهو الآن قد أدار الصراع باتجاه آخر، هو الإفادة من الازدواجية في السلطة والحكومة، لكي يبرر أي تدخل سواء أكان بالوكالة إقليمياً أو محلياً، أو مباشراً عبر مجلس الأمن، وسيكون هذا السبيل هو الخيار الأفضل عندما تفضي تقديرات الغرب لاسيما إيطاليا إلى عجز ميليشياته في ليبيا عن مجاراة القوى الإسلامية والوطنية في الميدان.

 

الحلقة الجديدة من حلقات الصراع بدأت للتو، وهي النزاع على الشرعية الدستورية، والمؤسساتية، وحكومة الثني الموالية للولايات المتحدة، وإن كانت أعلنت استقالتها؛ فإن كثيرين يرجحون إعادة تكليفها، لاسيما أن الرجل وحكومته هو من طلب بشكل مباشر تدخلاً  أمريكياً في شؤون بلاده، مثلهما، مثل "البرلمان" في طبرق الذي طلب مجلس الأمن بالضغط على قوى ليبية في الداخل للإذعان للمطلب الاعتيادي لدول الاحتلال، وهو تسليم سلاحها لجهة غير بريئة تمهيداً لبناء جيش موالٍ للغرب عن طريق تدريب دول إقليمية له.

 

سيعمل الغرب لاحقاً على نقل مركز ثقل القوة من مناوئيه إلى أذنابه، وستقاوم الفصائل الإسلامية والوطنية هذا الطموح، وسينتقل الصراع لجولة حاسمة، على ما يبدو؛ فالمعركة قد باتت أكثر وضوحاً، وهي لم تعد تختلف عن نظيراتها في المنطقة، سواء بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني الغاصب، أو السوريين الأحرار والكيان النصيري الغاصب للسلطة، أو العراقيين الثائرين والكيان الصفوي الغاصب للسلطة.. إلخ.. هي المعركة الواحدة إذن بألوان مختلفة، وصور متشابهة..