6 رجب 1437

السؤال

ما حكم من يذبح في شهر رجب من كل سنةٍ بقصد دفع أذى الجن؟ ويدَّعي أنه يذبحها لله؟ علماً أنه إذا لم يذبح فإن الجن تؤذيه.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وآله وصحبه،
فالذبح للجن من أنواع الشرك الأكبر، لأن الذبح لغير الله تعظيماً وتقرباً خوفاً أو رجاءً هو عبادة لغير الله، والذبح لله من التوحيد، كما قرن الله النسك والنحر بالصلاة في قوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162]، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]، فهذا الذي يذبح للجن هو مشرك، وإن زعم أنه يذبح لله، فالعبرة بالمقاصد وبالنيات، فإذا كانت النية باطلة وسيئة لم تنفع الدعاوى الكاذبة، فالله سبحانه وتعالى يعلم السرائر.
وإذا كان يذبح للجن لأنه إذا لم يذبح لهم يؤذونه فليس هذا بعذر، بل عليه أن يستعين بالله ويستعيذ به من شرهم، ولا يطيعهم؛ فإنهم يؤذونه من أجل أن يعبدهم ويتقرب إليهم، وقد كان أهل الجاهلية يستعيذون بالجن فيتسلطون عليهم من أجل أن يلجؤوا إليهم كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} [الجن:6]، قال بعض المفسرين: {فزادوهم رهقا}، أي: زاد الجنُّ الإنسَ خوفاً وذعراً، وقال بعضهم: زاد الإنسُ الجنَّ كبراً وطغياناً، فالواجب على هذا الذي يذبح للجن أن يتوب إلى الله وأن يخلص الدين لله وأن لا يذبح إلا لله، وإذا صح توحيده كفاه الله شر أعدائه من الجن والإنس، فعليه أن يتوكَّل على ربه ويعتصم به، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.