26 صفر 1435

السؤال

أنا محاسب بالخليج.. تزوجت منذ 3 أعوام.. في أول عام كانت زوجتي مازالت تدرس، وتم عقد الزواج فقط وبقيت معها 3 أشهر وسافرت، وعدت بعد عام وأتممت زواجي ثم بعد شهر من الزواج سافرت مرة أخرى، والعام التالي بقيت 3 أشهر وسافرت لإعداد استقدامها معي.
أردت أن أحيطكم بهذه المقدمة.. وأني خلال هذه المدة كلها ما حرمتها من شيء وﻻ أهلها.. ولكن كانت إجازتي جحيما! زوجتى ملتزمة (متدينة) وتحب أهلها جدا.. لكن أي شيء تراه عند أخت لها تطلبه مني؛ فأحيانا أستطيع وأحيانا لا.. فتبدأ المشاجرات! كما أن أهلها أحيانا يشجعونها على ذلك مثل طلب شراء شقة في تجاهل لحالي وظروفي.
وقد استعملت معها النهر ثم التهديد والحلف بالطلاق والرجعة فيه بكفارة.. إلى أن أصبح ﻻ يخيفها؛ لعلمها بدفع الكفارة! وضربتها مرة ضربة صغيرة. والآن أشعر أني مللت منها ومن أسلوبها ومن حياتها وما لي شوق إليها، كما أنه ﻻ يوجد بيننا أوﻻد حتى الآن.. فأرغب في أن أطلقها؛ لأنها تشغل بالي كثيرًا، كما أني ﻻ أطيق المساس بكرامتي.. وأشياء أخرى ﻻ يتسع المقام لذكرها...أفيدوني!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم.. وشكر الله ثقتك وحرصك على المشاورة في أمرك.
مشكلتك - أخي الفاضل - تتمثل في خلافات مع الزوجة بسبب مطالباتها المالية، وتكرار هذه الخلافات بما جعلك تملّ منها وتفكر في طلاقها.
كما سأضيف تنبيهًا مهمًّا جدا في نهاية مشورتي لما ذكرته من طلاق وكفارات!
وأقول لك في البدء (قول الناصح المحب): لو كان ما تذكره سببًا للطلاق لهدمت أغلب البيوت!
كما أن «استسهال» الطلاق بعد سنوات من الزواج ركونًا إلى عدم وجود أولاد.. أمر يتنافى مع شأن هذا «الميثاق العظيم» وقيمة هذه العلاقة الزوجية التي تُبنى على الاختيار الصحيح لتدوم وتستمر وينشأ عنها خير كثير من العمل بهدي المرسلين والعشرة بالمعروف وإقامة بيت مسلم، حتى لو تأخر أو لم يتيسر الرزق بالأولاد الذين هم زينة الحياة الدنيا.
أخي المبارك.. رعاك المولى:
آمل أن تتأمل في السيرة النبوية المباركة وتطالع ما جاء فيها من أحوال الغيرة، والمطالبة بزيادة النفقة، وغيرها من أحوال النساء الجِبليّة المرتبطة بتكوينهن، فإذا وقع ذلك من خيرة نساء الأمة، أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن وأرضاهن، فكيف بالنساء غيرهن؟!
بل كيف في الأزمان المتأخرة مثل زماننا الذي تقدمت فيه التقنية وزادت المغريات والملهيات والمقتنيات والتنافس في ذلك بين النساء، بل والرجال؟!
أدعوك أخي بما لمسته فيك من مروءة وشهامة لالتماس العذر لهذه الزوجة الصبورة على هذي السنين التي لم تهنأ فيها بصحبتك إلا بالقليل، ففي ظروف الزواج والسفر والبقاء معها لفترات قصيرة أكبر الأثر فيما يبدر ويقع بينكما؛ لأن السكينة والطمأنينة يحتاجان لتواصل مستمر، ولا سيما في بداية الحياة الزوجية.
بل أدعوك لممارسة دور الزوج العاقل الهادئ الحنون، والصبر والاحتساب فيما يبدر منها، ومقابلة الإساءة بالإحسان والرد عليها بهدوء وتقدير فيما يخرج عن استطاعتك، مقرونًا بالتأكيد على أنك لو تملك الاستطاعة لجعلت الدنيا بين يديها.
كما لا يغرنك الشيطان - أخي الحبيب - بشأن المساس بكرامتك، وقد ذكّرتك بسيرة خير البشر وصبره الجميل على طبائع وأحوال النساء.
ومن جهة أخرى: أخشى أن من أسباب ميلك للطلاق: مسألة الذرية. وهذا حقك، ولك أن تلتمسه بزوجة أخرى (بعد مراجعة الأطباء والتحقق من أن سبب عدم الإنجاب من جهة الزوجة)، مع الإبقاء على هذه الزوجة الكريمة التي وصفتها بأهم الصفات الزوجة الطيبة، وهو الدين.
ويبقى في نهاية مشورتي أمر مهم ألفت إليه انتباهك:
وهو ما يتعلق باستعمالك الطلاق والرجعة فيه، وإخراج كفارة يمين عنه!
فما هكذا أخي يُورد هذا الأمر العظيم.. ولما يشرعه الله تعالى للتهديد والتلويح!
وقد أخطأت خطأ كبيرًا فيما وقع من ذلك، وأدعوك من فورك للتوجه إلى أقرب من تعرف من أهل العلم الثقات المشهود لهم، وتروي له وقائع الطلاق التي تمت منك وتصرفك بعدها، وتسمع لفتواه بشأنها، وحبذا لو كانت الزوجة بصحبتك، ليسمع من كليكما.
أسأل الله أن يوفقك ويلهمك الرشد والسداد ويصلح لك شأنك كله.