أنت هنا

المسافة بين قطر وإيرلندا !!
16 شعبان 1434
موقع المسلم

لا نعني بالمسافة هنا البعد الجغرافي وإنما الجانب السياسي المتصل بمحنة الشعب السوري، حيث جرى بحثها في قمة الدول الثماني –الدول السبع الصناعية وألحقت روسيا بهم بعد تخلصها من النظام الشيوعي-وهي القمة التي شهدها منتجع لوخ إيرن في إيرلندا الشمالية أواسط  الأسبوع الماضي، في حين كانت هذه المأساة الرهيبة موضع اهتمام اللقاء الوزاري الذي استضافته العاصمة القطرية مطلع هذا الأسبوع، وشارك فيه وزراء خارجية أحد عشر بلداً تتصدرها السعودية ومصر وقطر وتركيا والأردن والإمارات إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

كانت المسافة بين اللقاءين شاسعة جداً، بالرغم من أن أربع دول غربية من البلدان الخمس التي شاركت في لقاء الدوحة،هي أبرز أعضاء مجموعة الثماني،حيث حضر قمتها في إيرلندا الرجل الأول في كل منها سواء أكان رئيس جمهورية أم رئيس وزراء!!
فكيف جاء التباين بين الاجتماعين على هذه الدرجة؟

 

ابتداء، يجب استذكار عناوين القرارات التي اتفقت عليها قمة مجموعة الثماني بخصوص سوريا، وأهمها:
-زيادة المساعدات الإنسانية للشعب السوري-هنا نتذكر أن الجمعية الدولية للصليب الأحمر قدمت مساعداتها في القصير بعد اجتياحها فقط إلى شبيحة بشار ومرتزقة حسن نصر الله!!- وهنالك نصف مليون لاجئ سوري في لبنان يعانون ظروفاً شديدة القسوة في ظل انعدام الخدمات لنقص الموارد المالية من جهة ونتيجة حقد الأجهزة القمعية المسيطَر عليها من وكيل الولي الفقيه حزب اللات....
-تشديد الضغط الدبلوماسي الدولي لجلب جميع الأطراف إلى طاولة واحدة بأسرع وقت ممكن، ومعنى هذا البند خنق المعارضة السورية وإحضارها عنة إلى مقعد استسلام لعصابة نيرون الشام في مهزلة جنيف2!!
-دعم هيئة انتقالية حاكمة في سوريا وجرى بعد القمة الجائرة تسريب التفاصيل وأهمها تسليم مقاليد الحكم إلى كبار مجرمي النظام في الجيش الطائفي وأجهزة استخباراته الدموية!!
-التعلم من تجربة العراق والحفاظ على المؤسسات العامة في سوريا؟!
-العمل معاً لتخليص سوريا من الإرهابيين والمتطرفين!!هذا ما قالوه في بيانهم البائس  ثم تبين أن ما يطلبه هؤلاء المهرجون من الجيش الحر التعاون مع قتلة أهله من عصابات الطاغية ومرتزقة الرفض من أنحاء العالم لاستئصال المجاهدين الذين لبوا نداء السوريين فأغاثوهم بينما كان الغرب يتآمر عليهم وهو يزعم صداقته لهم!!
-إدانة استخدام السلاح الكيماوي من قبل أي طرف والسماح للأمم المتحدة بالتحقيق.
-دعم حكومة جديدة غير طائفية في سوريا.

 

بالطبع لم ير هؤلاء الشركاء في إراقة دماء السوريين مشكلة في تدفق ميليشيات الموت من لبنان وإيران والعراق وباكستان للمشاركة في نحر السوريين على أساس طائفي!!

 

ولم يرد أي إشارة للتهريج الغربي المكرور والممجوج عن أنه لا مكان لبشار الأسد  في مستقبل سوريا،لأن هذا الكلام الكذاب استنفد أغراضه. صحيح أن الدول السبع الرئيسية في المجموعة توارت كعادتها خلف الدب الروسي الوقح والذي لا يقيم وزناً لرأي عام محلي ولا عالمي،لكن بوتين في ما يبدو سئم هذه المسرحية وأعلن أنه لم يفرض شيئاً على السبعة الآخرين-ومجرد الافتراض مثير للسخرية-بل إن القرارات هي قرارات المجموعة كاملةً.

 

وليس أدل على عقم التهريج الغربي من تحويل استخدام عصابات بشار السلاح الكيميائي من وقائع ثابتة بشهادات اضطرارية من ثلاث دول:أمريكا وبريطانيا وفرنسا-لا نذكر تركيا رغم أنها في الناتو لئلا يقال: دولة مسلمة تتعاطف مع شعب مسلم!!-، حتى هذه أتاحت مهزلة الثماني تحويلها إلى وجهة نظر !!

 

والأرجح أن هذا التواطؤ الضمني مع حرب الإبادة المنظمة للشعب السوري بأكثريته المسلمة تحديداً،كان بمثابة القشة التي قصمت ظَهْرَ البعير، أو النقطة التي أفاضت الكأس. فقد طفح الكيل لدى دول عربية مهتمة بحاضر سوريا ومستقبلها لاعتبارات الأخوة الدينية والأواصر الثقافية والتاريخية فضلاً عن هواجس الأمن القومي لهذه الدول،فقررت كسر قيود الغرب على تسليح الجيش السوري الحر، بعد أن سقطت سائر الذرائع الواهية التي كان الغرب يخفي وراءها موافقته الأثيمة على تغيير التركيبة السكانية في سوريا، بتهجير أكثرية المسلمين واستقدام غزاة من أرجاس الرافضة وذيولها،لإنشاء حلف للأقليات الموتورة بزعامة خامنئي ليقوم الحلف المدنس بتوفير حماية إستراتيجية دائمة للكيان الصهيوني في فلسطين السليبة.

 

لا شك في أن العرب-وهم هنا يكادون ينحصرون في السعودية وقطر-تأخروا كثيراً في تحركهم المفروض عليهم دينياً وإنسانياً، لكن وصول المرء متأخراً يبقى أفضل مرات ومرات من عدم وصوله!!