أنت هنا

تحديات الصومال القادمة
5 صفر 1434
موقع المسلم

وضع الصوماليون أمام خيار صعب خلال السنوات الماضية ما بين تحقيق قدر من الاستقرار مع وجود قوات أجنبية تحت مظلة "القوات الإفريقية/أميصوم" أو الاستمرار في قتال طويل بين القوات الإفريقية والصومالية الحكومية من جهة، وقوات شباب المجاهدين، وحينما يكون الخيار بين وضع تفتقد فيه الشعوب "السيادة" على بلدانها، ويحظى الأجانب بنفوذ كبير فيها، وبين حالة الفوضى المستحكمة والقتال الضاري وتوقف كثير من مقومات الدولة في حروب "تحرير" ليست متكافئة؛ فإنها تجد نفسها في موقف حرج للغاية، وتحتاج قياداتها ورموزها إلى التفكير العلمي والاستراتيجي العميقين في كيفية البناء على أي من المسارين.

 

غير أن ما يمكن أن يستغرقه البحث في تحديد الخيار الملائم قد لا تسعفه الأحداث؛ فهي تجري بتدبير إلهي تتحقق فيه سنة المدافعة، وتجد الشعوب نفسها أمام أمر واقع يستوجب الحكمة في البناء عليه.

 

هنا، المعطيات تقول إن الصومال بقواته الحكومية، وبمساعدة قد تكون أكبر من أن تكون مجرد "مساعدة"، من قوات إفريقية قد استطاعت تحقيق تفوق عسكري لافت على قوات شباب المجاهدين، وأن الوضع على الأرض قد بات محسوماً في كثير من المناطق لهذه القوات، وأن البلاد مقبلة على نوع من إعادة ترتيب وبناء مؤسسات على أسس جديدة ترعاها الأمم المتحدة لأهداف تتعلق بحسابات دولية أرادت للصومال أن يشهد نوعاً من الاستقرار.

 

وهذه الإرادة الدولية ليست وليدة عمل خيري بطبيعة الحال بل إنها تستند إلى متغيرات ساهمت في فكرة تدوير العجلة في الصومال، ووضعها على أول سكة الاستقرار لأهداف تتعلق بالاحتياطي الكبير للنفط في الصومال، والذي أسال لعاب دول كثيرة بدت راغبة في إبرام عقود للتنقيب على النفط في الصومال، كذلك رغبة في لملمة ملف "الإرهاب" الذي تخشى بعض الدول من تصديره إليها، لاسيما بريطانيا التي تقدم حثيثاً للبحث عن نفط الصومال، وتخشى في الوقت نفسه من تهديدات حركة شباب المجاهدين لها..

 

ومهما يكن من أمر؛ فإن الصومال اليوم مقدم على عدة تحديات تتعلق أولها بفكرة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، وتكوين الأحزاب، والتنافس في الانتخابات، وهنا تبدو القوى الإسلامية مدعوة إلى دراسة أفق ذلك، ومدى تقبلها للانخراط في عملية سياسية في ظل وجود قوات أجنبية في البلاد، والنظر بعين الاعتبار والدراسة إلى الحالة العراقية، وما أنتجته حال الانخراط في العملية السياسية أو حال مقاطعتها بسبب وجود قوات احتلال في العراق.

 

تحد آخر سيستتبع ذلك في حال الانقسام حيال ذلك، وثالث، في حال تبين أن القوى الإسلامية مدعوة إلى التفكير في الوحدة أو التحالف والتنسيق، وأسس ذلك، والتدابير التي قد تتخذ لتحقيق ذلك.

 

وتحد رابع، يتمثل في فكرة تعاطي السلطة الحالية مع دول إقليمية مهمة كتركيا ومصر لتحقيق قدر من التوازن مع القوى الأخرى، وكيفية توظيف العلاقات التاريخية التي تربط هذين البلدين ـ إضافة للسعودية واليمن ـ من أجل تخفيف سطوة عواصم القرن الإفريقي المتورطة في قتال داخل حدود الصومال، وأهمها إثيوبيا وكينيا، وكذلك أوغندة.

 

تحد خامس، تفرضه فكرة الوحدة الصومالية وكيفية تحقيقها مع وجود أقاليم منفصلة حتى الآن، تذرعت بأنها انفصلت من أجل تحقيق الاستقرار مع إيمانها بالوحدة الصومالية الواحدة، وبالتالي فسيوضع هذا الملف على طاولة الأشقاء الصوماليين قريباً (قد وضع بالفعل لكن على نحو خجول).

 

وعشرات التحديات الأخرى التي ستجد طريقها لأصحاب التأثير في الداخل الصومالي، لاسيما القوى الإسلامية، المنوط بهم في الحقيقة تحقيق الاستقرار والاستقلال معاً للصوماليين.