19 رمضان 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا شاب أعزب أعمل بشركة أهلية، ومعي أمي وهي مطلقة، وإخواني مشغولون عنها، وفي الوقت نفسه أبي يريد أن أكون بجانبه، فالحاصل أني أكون مرة عند أبي ومرة عند أمي..
والحقيقة أني سعيد جدا بذلك.. ولكن المشكلة أني أريد أن أطلب العلم، ولكن كلما رتبت جدولا لكي أبدأ بعزيمة يطلب أبي أو أمي أن أخدمهما.. فأنقطع عن العلم وحفظ كتاب الله، وأخاف على نفسي من الضعف.. فما توجيهكم؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك أخي الكريم في موقع "المسلم"، وفقك الله ورعاك وسدد خطاك.
أخي الكريم:
إن من فضل الله عليك أن جمع لك بين هذين الخيرين العظيمين:
الأول: الحرص على بر والديك وخدمتهما، خصوصا بعد ما بلغا الكبر.
والثاني: الحرص على طلب العلم والفقه في الدين.
فأنت بين أمر جعله الله تعالى من أوجب الواجبات بعد الإيمان به جل وعلا، وهو برّ الوالدين، وبين علم كريم تسعى في طلبه، وفي مقدمته حفظ كتاب الله تعالى وإتقانه، وفي ذلك من الفضل العظيم ما لا يخفى على مسلم.
فهنيئا لك أخي هذه النية الصالحة والهمة العالية، وكن على يقين بأن الله تعالى سيعينك ويسددك.
أكثر أخي من الدعاء، وارفع إلى الله رغبتك فيما يرضيه، واطلب إليه جل وعلا أن يسهل طريقك في طلب العلم مع برك بوالديك.
واستعن به جل وعلا في ترتيب وقتك والموازنة بين الجانبين، ثم خذ بالأسباب، كما أنه لا بد لك من مصارحة الوالدين الكريمين بكل أدب بأن لك جدولا في طلب العلم، وأوقاتا مخصصة لدروسه؛ فذلك أفضل لهما، بل مظنة رضاهما وسرورهما، ومن ثم حرصهما على عدم إشغالك في هذه الأوقات المحددة.
إلا إذا نزلت بها حاجة طارئة تستلزم حضورك إليهما؛ فيرى العلماء في مثل هذه الحال أنه إذا كان هناك ضرورة للبقاء عند الوالدين فهذا أفضل من طلب العلم, مع الجمع قدر الإمكان بين ذلك وبين طلب العلم؛ لأن بر الوالدين مُقدّم على الجهاد في سبيل الله, والعلم من الجهاد، ومن ثم فبر الوالدين مُقدّم عليه إذا كانا في حاجة إليه. أما إذا لم يكونا في حاجة إليه فيخرج في طلب العلم دون إخلال ببرهما.
أخي الكريم:
أنت على خير؛ فاستعن بالله ولا تعجز، واجتهد في الموازنة بين الأمرين، كما يمكنك الاستئناس بمشاورة أهل العلم الذي تدرس لديهم، فلعلهم يوجّهونك لما يناسبك من مواعيد ودروس يتحقق بها لك ما تسعى في طلبه دون تقصير في حق الوالدين الكريمين، كما يمكنك التفاهم والتعاون مع بعض إخوانك للتناوب معك في رعايتهما حال انشغالك بطلب العلم.
أعانك الله وسدّد خطاك ويسر أمرك ووفقك لما يحب ويرضى.