أنت هنا

من يصنع الفتنة بمصر؟
14 ذو القعدة 1432
موقع المسلم

لم توفر وزيرة الخارجية الأمريكية وقتاً، فسبع دقائق فقط على انتهاء الأحداث الدامية في وسط القاهرة كانت كفيلة بأن تطلق إثرها كلينتون عرضها للمجلس العسكري بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر تحت ذريعة حماية الأقباط والأقليات والكنائس، بينما لم تكف سبعة أشهر بطولها في سوريا ارتقى فيها نحو عشرة آلاف شهيد ما بين معروف ومفقود، ويذوق مثلهم ألوان التعذيب في أقبية النظام السوري، للحديث عن حماية الأكثرية السنية التي تتعرض لمجازر متنوعة وتعامل بكافة أنواع الأسلحة الحربية، برغم أن تلك الأكثرية ترفع لافتاتها طوال الشهور الماضية طلباً للحماية الدولية، وتصم "الأسرة الدولية" آذانها عنها، لكنها سرعان ما سمعت همس بعض نشطاء الأقباط بطلب تلك الحماية.

 

رأس الدبلوماسية أعلنت، وذنبها/السفيرة الأمريكية نفت مجافية الأعراف الدبلوماسية، بسبب غضبة الشعب المصري لهذا العرض المشبوه..

 

واشنطن على لسان وزيرة الخارجية لم تحتج وقتاً للتفكير، بما يوحي بأحد أمرين، إما أن الإدارة الأمريكية لديها مشروع جاهز للتدخل في مصر ينتظر أي حادثة لإعلانه وتفعيله، أو أنها لم تكن بعيدة عن المطبخ الميليشياوية الذي حضر لهذه الجريمة التي ارتكبت بحق جيش خاض حروباً أربعة ضد الكيان الصهيوني، وفي الحالين فإن كلينتون أرادت أم لم ترد وضعت بصمتها على تلك الأحداث، وأبدت علاقة ما مع أولئك الذين تعرضوا للجيش المصري وأرادوا النيل من هيبته في مصر في ذكرى أكتوبر.

 

وهؤلاء بدورهم اخترقوا حاجزاً لم يجرؤ أكثر المناوئين للنظام المصري ابتعاداً عن السلمية على اختراقه؛ فـ"الإرهاب" في تسعينات القرن الماضي نفسه لم يتورط في مثل هذه الجريمة التي طالت مؤسسة يكن لها الجميع في مصر تقديراً خاصاً حتى أشد الفئات رفضاً للنظام المصري السابق وأكثرها تحللاً من "شرعيته"، ومع ذلك فالميليشيات التي نفذت جريمتها بالأمس لم توصم لحد الآن بالإرهاب لا في الإعلام الرسمي المصري ولا غيره، كونها تستظل بحماية دولية معروفة لم تزل بعد في طور السياسة.

 

الفتنة أوقظت في مصر فيما يتبدى بشكل عمدي لا تحتمل اللبس على أعتاب استحقاق انتخابي لم يبق إلا أيام على انطلاقه، وفي الأفق لدى الفاعلين مهمة عرقلته، أو في أدنى الأحوال تحقيق مكتسب غير دستوري بإقرار قانون العبادة الموحد المجحف قبل شهور قليلة من التئام مجلس الشعب/الجهة المنوط بها سن القوانين، بأسلوب لي الذراع والابتزاز الذي تستجيب له أطراف مسؤولة تجد ذاتها معنية بإسكات صوت المعارضة "المسيحية" بأي ثمن، ولو كان من حق الشعب في سن قوانينه الحاكمة عبر نوابه المنتخبين.

 

الصورة إذن ليست عصية على الفهم؛ فثمة من يتحكم في الأكثرية المسلمة بمصر عن طريق الابتزاز، ووضع العربة أمام الحصان، وهناك من يجد نفسه معنياً بكبح قطار الاستقلال المصري، ووأد تجربتها بأي شكل، ولو فرط في بعض بسطاء طائفته أو حتى الشعب المصري برمته!!