أنت هنا

تَقَاسُم العراق بين واشنطن وطهران
9 ذو الحجه 1431
موقع المسلم

باسم الديموقراطية يمكن شل البلد ثمانية أشهر بل إلى ما لانهاية!!المهم أن رجلاً يمسك بتلابيب القوة –المصنوعة تحت عيون الاحتلالين الصليبي والصفوي-يستطيع ابتزاز العراق كله،حتى يستسلم له خصومه عن يد وهم صاغرون.

 

وفي العراق الديموقراطي –بحسب ختم العم سام لعملائه فقط-ينجح المستبد الديموقراطي في فرض كل ما يشتهي  وما يتلقاه من أوامر من سادته،مع أن أي حكومة في وضع حكومة المالكي تعتبر حكومة تصريف أعمال،فلا يجوز لها اتخاذ أي قرار حيوي،إلى أن تتألف حكومة جديدة من قبل الكتلة الفائزة بالانتخابات!!

 

والأدهى من كل ما سلف-على فظاعته-أن يتم تكليف المالكي  تأليف حكومة جديدة بعد أسابيع قليلة على انفجار كبرى فضائحه في موقع ويكيليكس،حيث تجزم الوثائق بأنه انتهج سياسة طائفية دموية انتهت إلى إبادة150ألف عراقي بسبب انتمائهم إلى طائفة غير الشيعة،فضلاً عن 15000 شخص ما زال مصيرهم مجهولاً!!

 

فعوضاً من اقتياد المالكي إلى قفص الاتهام لمحاكمته والاقتصاص منه على ما اقترفت يداه الآثمتان في حق الشعب الذي يفترض فيه وفي أعوانه من عصابة المنطقة الخضراء خدمته وحمايته،فإذا بأمريكا راعية الديموقراطية في العالم وبإيران مدعية اتباع آل بيت النبوة،تتفقان على تنصيب المالكي جلاداً للعراقيين أربع سنوات أخرى!!

 

والعجيب أن الجانبين ما زالا يتظاهران حتى تاريخه بعداء شديد وشرس في حين ثبت حتى للمكفوفين أنهما حليفان استراتيجيان منذ سبع سنوات على الأقل.

 

وبالرغم من انكشاف اللحاف عنهما عاريين،فما زالت حربهما اللفظية قائمة لخداع المجانين ممن أعمى الله بصائرهم،حتى بعد تبرع البيت الأبيض بوضع منظمة جند الله على قائمتها المهترئة للإرهاب.وجند الله عبارة عن منظمة تسعى إلى إنصاف ملايين البلوش الذين يضطهدهم نظام آيات قم منذ 32عاماً،لأنهم ليسوا من العرق الفارسي ولأنهم من أهل السنة!!

 

وتعامى الأمريكيون عن المجرمين الحوثيين الذين أهلكوا الحرث والنسل في اليمن وحاولوا مد أيديهم الغادرة إلى السعودية.وليلاحظ أي عاقل أن الحوثيين يهددون بلداً ترتبط قيادته السياسية بأحسن العلاقات-وربما كان عشقاً أحادي الجانب-في حين ينشط جند الله ضد نظام تزعم أمريكا الشقاق والنفاق أنها تعاديه وتعمل على تصديعه!!

 

والخلاصة المحزنة أن العدوين المزعومين تقاسما العراق علانية اليوم بعد بضع سنوات من التنسيق السري،وخذل الأمريكيون "صديقهم" إياد علاوي وأسهموا في خداعه وفي الضحك على المغفلين من أهل السنة الذين صدقوا أكذوبة العملية السياسية فإذا بهم لا يحصلون إلا على رئاسة البرلمان الشكلية مثلما كان نظام السيستاني قرره لهم في السنوات المنصرمة، سواء بسواء!!ولقد كانت فجيعة هذه الفئة قصيرة النظر كبيرة وشديدة الوطأة،بعد أن عاشوا وَهْماً قاتلاً مفاده أن تنصيب علاوي-الشيعي-زعيماً لقائمتهم كفيل بتحسين حضورهم الديكوري في المشهد السياسي،ليتبينوا بعد فوات الأوان أن ذلك شرطٌ لازمٌ لكنه غير كافٍ-بلغة أهل الكيمياء-فولي أمر قم هو من يحدد الزعيم الشيعي الذي يتعين اتباعه من قبل  الباحثين عن مقعد هامشي على فتات مائدة العم سام وشريكه الولي الفقيه!!فالقطيع لا يختار رعاته وإنما هنالك من يقرر له ويحدد له المسار ويرسم له الحدود!!

 

إن السنين السبع الماضية أكدت بديهية واحدة لكنها جوهرية ومفصلية،ألا وهي أن أي عمل سياسي تحت حراب الاحتلال-الصريح وشبه الصريح-لا يعدو أن يكون انتحاراً وطنياً بكل ما تحمله الكلمة من دلالات.فالوكلاء  لا يعنيهم تفتيت العراق لأن الغاية عندهم شخصية نفعية رخيصة أو طائفية تتبع الخارج وتأتمر بأوامره حرفياً،أما الذين ينشدون الحرية والكرامة والأمن والاستقرار،فيعلمون علم اليقين بشواهد التاريخ القاطعة أنه يستحيل تحرير إرادة شعب من الغزاة بالكلام المعسول أو الخطب الرنانة.

 

لكن الساذجين يطيب لهم أن يُلْدَغوا من الجحر ذاته مرات ومرات ويضحكون على أنفسهم إذ يتخيلون أن الأفعى سوف تكف عن لدغهم في كل محاولة جديدة.
ومهما أحسن المرء الظن  ببعض هؤلاء فإن شعبهم لن يغفر لهم أن رهانهم الخاسر بل المتكرر الخسران كان طعنة نجلاء في ظهر المقاومة التي يتعذر بغيرها تطهير بلاد الرافدين من رجس الغزاة ونجس العملاء.